ومع هذا الذي أشرت إليه من الاستفادة من كتاب الحافظ الناجي رحمه الله تعالى، فإني أحمده عز وجل، أن وفقني للقيام بواجب لم أسبق إليه فيما علمت، ألا وهو العناية بكتاب "الترغيب والترهيب" عناية خاصة من زاوية أخرى لم يلتفت إليها الحافظ إلا قليلاً جداً، وهي تمييز صحيحه من سقيمه، وحسنه من ضعيفه، وتتبُّع أوهامه في ذلك على ما أسلفنا بيانه، وإخراجه إلى الناس في كتابين مستقلين:"صحيح الترغيب والترهيب"، و"ضعيف الترغيب والترهيب"، الأول منهما للتديُّن والعمل به، والآخر لمعرفته والابتعاد عن روايته ونسبته إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكي لا يقع القارئ في محذور الكذب على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما سبق شرحه، فإن هذا التمييز هو الغاية من علم الحديث وتراجم رجاله.
وإني لأعلم أن كثيراً من الناس يكتفون بالكتاب الأول منهما، ويقولون: ما لنا وللأحاديت الضعيفة، حسبنا أن نتعرف على الأحاديث الصحيحة! وهذا وإن كان يكفي عامة الناس، فإنه لا يليق بأهل العلم، والشباب المثقف الداعي إلى الله عز وجل، فهؤلاء لا بد لهم من العناية بموضوع الكتاب الآخر، وأن يستعينوا به وبأمثاله على معرفة الأحاديث الضعيفة، التي قد يقرؤونها في كتاب، أو يسمعونها في خطاب، وما أكثرها في كل باب. ولعلهم يعلمون جيداً أنه لا يلزم من معرفة الأحاديث الصحيحة، التعرف على الأحاديث الضعيفة، كما لا يلزم من معرفة الخير، التعرف على الشر، على حد قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "كان الناس يسألون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر؛