"إذا جاء الحلال والحرام شدّدنا في الأسانيد، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد"(١).
فهذا نص فيما قلنا، ومثله قول ابن الصلاح في "علوم الحديث"(ص ١١٣):
"ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سِوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال، وسائر فنون الترغيب والترهيب، وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد".
فتأمّل في قوله:"التساهل في الأسانيد"؛ يتجلّى لك صحة ما ذكرنا.
والسبب في ذلك أن مَن ذكر إسناد الحديث فقد أعذر وبرئت ذمته، لأنّه قدم لك الوسيلة التي تمكّن من كان عنده علم بهذا الفن من معرفة حال الحديث صحة أو ضعفاً، بخلاف من حذف إسناده، ولم يذكر شيئاً عن حاله، فقد كتم العلم الذي عليه أن يبلّغه.
[١٨ - الأدب في رواية الحديث الضعيف عند ابن الصلاح]
من أجل ذلك عقّب ابن الصلاح على ما تقدم بقوله:
"إذا أردت رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كذا وكذا، وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ذلك، وإنما
(١) "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (١٨/ ٦٥).