ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. فدل ما ذكرنا من الآي أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول، وأن شهادة غير العدل مردودة، والخبر، وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه، فقد يجتمعان في أعظم معانيهما، إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم، كما أنّ شهادته مردودة عند جميعهم، ودلت السنة على نفي رواية المنكر من الأخبار، كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق، وهو الأثر المشهور عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"من حَدَّث عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبَين". حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة … " انتهى.
فساق إسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سمرة بن جندب، وإلى ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة قالا: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك.
وساق أحاديث أخرى مرفوعة، وآثاراً موقوفة في التحذير عن التحديث بما لا يُعرَف صحته.
٥ - تعليل لوجوب التمييز بين الصحيح والضعيف وأن من لا يفعل ذلك لا يكون عالماً
وإنما كان التمييز المذكور بين الأحاديث واجباً، لأن العلم الذي هو حجة الله على عباده، إنما هو الكتاب والسنة، ليس شيء آخر، اللهم إلا ما استنبطه العلماء المعروفون منها، والسنة قد دخل فيها ما لم يكن منها لحكمة أرادها الله تعالى، فالاعتماد عليها مطلقاً، ونشرها دون تمييز أو تحقيق، يؤدّي حتماً إلى تشريع ما لم يأذن به الله، وحَريّ بمن فعل ذلك أن يقع في محظور الكذب على