أفراد الأمة، ولا التساهل بروايتها على الطلاب وغيرهم، كما يفعل ذلك عامّة الخطباء والمدرسين والمرشدين والوعَّاظ، متأثراً في ذلك بأقوال الأئمة الذين أسلفت لك فيما تَقدّم بعض أقوالهم في هذا المجال؛ فقد رأيت لزاماً عليَّ أن لا ألقي درساً منه إلا بعد تحضيره، والتحقّق من كل حديث من أحاديثه، في كل باب من أبوابه، وفصل من فصوله، معتمداً في ذلك على مصطلح الحديث، والجرح والتعديل، ومراجعاً لما قاله العلماء المحقّقون في كل حديث منها، مما يساعدني على اختيار الحكم الأقرب إلى الصواب فيها، فما تبيَّن لي منها أنه ثابت قدَّمته إليهم متشبّثاً به، راغباً فيه، وإلاّ أعرضت راغباً عنه غير مصطفيه.
وهكذا مضيت قُدُماً بكل رغبة ونشاط في تحضير الدروس منه، وإلقائها على الإخوان والطلاب، ملتزماً ذلك المنهج العلمي الدقيق، طيلة تلك السنين، حتى انتهيت منه بتاريخ ٢٦ رجب سنة ١٣٩٦، مثابراً على إلقائها إلاّ في بعض الظروف الحالكة، والفتن المظلمة، أعاذنا الله منها؛ ما ظهر منها وما بطن، وقد أوشكتُ على الفراغ منه أيضاً على التمام.
وبهذه الدراسة المنهجية الدقيقة تكشّف لي ما كان خافياً عليَّ قبلها وعلى غيري، ألا وهو غموض المنذري في اصطلاحه الذي وضعه في أول كتابه، وتساهلُه الذي أوضحته في مطلع مقدّمتي هذه، وكثرة الأحاديث الضعيفة والواهيه بل الموضوعة فيه، وبعضها مما حسَّنه بل صحَّحه بالتصريح فضلاً عن أوهاء له أخرى كثيرة، من الصعب حصرها، إلا أننا سنتعرَّض للإشارة إلى بعضها بخطوط عريضة، مع بعض الأمثلة إن شاء الله تعالى.
وكنت في أثناء ذلك وتخريجي لأحاديث الكتاب، أجد أن بعضها يتطلب