قال: فقُلْتُ: أمِنْ عِنْدِكَ يا رسولَ الله! أمْ مِنْ عِنْدِ الله؟ قال:
"بَلْ مِنْ عندِ الله".
وكانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سُرَّ اسْتَنارَ وَجْهُهُ، حتى كأنَّ وجههُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، قال: وكنَّا نَعْرِف ذلك مِنْهُ. قال: فلمَّا جَلستُ بينَ يَديْهِ؛ قلتُ: يا رسولَ الله! إنَّ مِنْ توبَتي أنْ أَنْخَلعَ مِنْ مالي صَدَقةً إلى الله وإلى رسولهِ. فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"أمْسِكْ عليكَ بَعْض مالِكَ، فهوَ خَيْرٌ لكَ".
قال: فقلْتُ: فإنِّي أمسِكُ سَهْميَ الذي بخَيْبَر. قال: وقلتُ: يا رسولَ الله! إنَّما أنْجاني الله بالصدْقِ، وإنَّ مِنْ تَوْبَتي أنْ لا أُحدِّثَ إلا صِدْقاً ما بَقيتُ.
قال: فَوَالله ما علمْتُ [أن] أحداً [من السلمين] أبْلاهُ الله في صِدْقِ الحَديثِ مُنْذ ذكرتُ ذلك لِرَسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[إلى يومي هذا] أحْسَنَ ممَّا أبْلاني الله [به]، والله ما تَعمَّدْتُ كَذبةً منذ قلتُ ذلك لرَسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يومي هذا، وإنِّي لأَرْجو أنْ يَحْفَظني اللَّه فيما بَقِيَ.
قال كعبْ: والله ما أنْعَم الله على مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بعدَ إذْ هَداني الله للإِسْلامِ أَعْظَمَ في نفْسي مِنْ صدْقي لِرَسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنْ لا أكونَ كَذَبْتُهُ فأهْلِكَ كما