بَعْضاً، فيَشُمُّونَهُ، حتى يأْتون به بابَ السماءِ، فيقولونَ: ما هذه الريحُ الطيِّبَةُ التي جاءَتْ مِنَ الأرْضِ؟ ولا يَأْتُونَ سماءً إلا قالوا مِثْلَ ذلك، حتى يأْتُونَ بِه أرْواحَ المُؤْمِنينَ، فلَهُم أشَدّ فَرحاً مِنْ أَهْلِ الغائِبِ بغائِبهمْ، فيقولون: ما فَعل فلانُ؟ فيقولونَ: دَعوهُ حتى يَسْتَريحَ؛ فإنَّه كانَ في غَمِّ الدنْيا، فيقولُ: قد ماتَ، أما أتاكُم؟ فيقولون: ذُهِبَ به إلى أُمِّه الهاوِيَةِ.
وأما الكافِرُ، فَتَأْتيهِ ملائكَةُ العَذابِ بمِسَحٍ، فيقولون: اخْرُجي إلى غَضَبِ الله، فتَخْرُج كأنْتَنِ ريحِ جيفَةٍ، فيذْهَبُ به إلى بابِ الأرْضِ".
رواه ابن حبان في "صحيحه"، وهو عند ابن ماجه بنحوه بإسناد صحيح.
٣٥٦٠ - (١٥)[حسن] وعن أبي هريرة أيضاً؛ أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"إذا قُبرَ الميِّتُ -أو قالَ: أحدُكُم- أتاه ملَكان أسْوَدان أزْرَقان، يقالُ لأحَدِهما المُنْكَرُ، وللآخَرِ النَّكيرُ، فيقولان: ما كُنْتَ تقولُ في هذا الرجُلِ؟ فيقول ما كانَ يقولُ: هو عبدُ الله ورسولُه، أشْهَدُ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محَمَّداً عبدُه ورسولُه. فيقولان: قد كنّا نعلَمُ أنَّك تقولُ هذا، ثُمَّ يُفْسَحُ له في قبْرهِ سبْعونَ ذراعاً في سبْعينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ له فيه، ثُمَّ يقالُ له: نَمْ، فيقولُ: أرْجعُ إلى أهْلي فأُخْبِرهُم؟ فيقولان: نَمْ كنَوْمَةِ العَروسِ الذي لا يوقِظُه إلا أحَبُّ أهْلِه إلَيْه، حتى يَبْعَثَهُ الله مِنْ مَضْجَعِه ذلك.
وإنْ كانَ منافِقاً قال: سمعتُ الناسَ يقولون قولاً فقُلْتُ مِثْلَهُ: لا أدري! فيقولان: قد كنَّا نعلَمُ أنَّك تقولُ ذلك، فيُقالُ للأَرْضِ: الْتَئِمي عليه، فتَلْتَئم عليه، فتَخْتَلِفُ أضْلاعُه، فلا يَزالُ فيها مُعَذباً حتى يَبْعَثَهُ الله مِنْ مضْجَعِه ذلك".
رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب"، وابن حبان في "صحيحه".