على ظهر [إبهام] قدمِه يَحْبو على وجْهِهِ وَيديْهِ ورجْلَيْه، تَخِرُّيَدٌ وتَعَلَّقُ يَدٌ، وتَخِرُّ رِجْل، وتَعَلَّقُ رِجْلٌ، وتُصيبُ جوانِبَهُ النارُ، فلا يزالُ كذلك حتى يَخلُصَ، فإذا خلَصَ وقفَ عليها فقالَ: الحمدُ لله الذي أْعطاني ما لَمْ يُعْطِ أحَداً؛ إذْ أنْجاني منْها بعد إذ رأَيْتها. قال:
فيَنْطلقُ به إلى غديرٍ عند بابِ الجنَّةِ فيغْتَسِلُ، فيعودُ إليه ريحُ أهْلِ الجنَّةِ وألْوانُهم، فيرى ما في الجنَّة مِنْ خِلال البابِ، فيقولُ: ربِّ أَدْخلني الجنَّةَ. فيقولُ الله [له]: أتَسْأَلُ الجنَّةَ وقد نَجَّيْتُكَ مِنَ النارِ؟ فيقولُ: رَبِّ اجْعَلْ بَيْني وبيْنَها حِجاباً حتى لا أسْمعَ حَسيسَها. قال:
فيدْخُلُ الجنَّةَ، ويرى أوْ يُرفَعُ له مَنْزِلٌ أمامَ ذلك كأنَّ ما هو فيه بالنسبَةِ إلَيْهِ حُلُمٌ، فيقولُ: ربِّ! أعْطِيْ ذلك المنْزِلَ. فيقولُ [له]: لعَلَّكَ إنْ أَعطَيتُكَهُ تَسْأَلُ غيرَه؟ فيقول: لا وعِزَّتِكَ لا أسْألُك غَيرَهُ، وأنِّي مَنزِلٌ أحْسن منه؟ فيُعْطاه، فينزلُه، ويرى أمامَ ذلك منزلاً، كأنَّ ما هو فيه بالنسبةِ إليْهِ حُلُمٌ. قال: ربِّ أعْطِني ذلك المنْزِلَ، فيقولُ الله تبارَك وتعالى له. لعلَّكَ إنْ أعطيتُكَهُ تَسْأَلُ غيرَه؟ فيقولُ: لا وعزَّتِك [لا أسألك]، وأنِّي مَنزِلٌ أحْسَن منه؟ فيُعْطاه فينزله، ثُمَّ يسْكتُ. فيقولُ الله جلَّ ذِكْرُه: ما لَك لا تَسْأَلُ؟ فيقولُ: ربِّ! قد سأَلْتُكَ حتى استَتْحيَيْتُكَ، [وأقسمت لك حتى استحييتك] فيقول الله جلَّ ذِكْرُه: ألَمْ ترضَ أنْ أعْطيَكَ مثلَ الدنيا منذُ خَلْقتُها إلى يومِ أفْنَيْتُها وعَشَرةَ أضْعافِه؟ فيقولُ: أتَهْزَأُ بي وأنْتَ ربُّ العِزَّة؟ [فيضْحَكُ الرَّبُّ عزّ وجلّ من قوله".
قال: فرأيتُ عبد الله بنَ مسعودٍ إذا بَلَغَ هذا المكانَ مِنْ هذا الحديثِ ضَحِكَ، فقالَ لهُ رجلٌ. يا أبا عبدِ الرحمنِ! قَدْ سمعتُكَ تُحدّثُ هذا الحديثَ مراراً، كلّما بَلَغْتَ هذا المكانَ ضَحِكْتَ؟ فقالَ: إني سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -