"فيقول الربُّ جلَّ ذِكْرُه: لا، ولكنِّي على ذلك قادِرٌ، سَلْ، فيقولُ: أَلْحِقْني بالناسِ فيقول: الْحَقْ بالناسِ. فينطَلِقُ يرمُل في الجنَّة، حتى إذا دَنا مِن الناس رُفع له قصرٌ مِنْ درَّةٍ؛ فيَخِرُّ ساجِداً، فيقالُ له: ارْفَعْ رأسَك، ما لَك؟ فيقول: رأيتُ ربِّي -أو تراءى لي ربي-، فيُقال [له]: إنَّما هو منزِلٌ مِنْ منازِلِكِ، قال:
ثم يَلْقى رجلاً فيتهيَّأُ للسجودِ له، فيقالُ له: مَهْ! [ما لك؟] فيقولُ: رأيتُ أنَّك ملَك مِنَ الملائكةِ! فيقول: إنَّما أنا خازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ، وعبدٌ مِنْ عبيدِك، تحتَ يدي ألْفُ قَهْرَمانٍ على مثل ما أنا عليه. قال:
فينطَلقُ أمامَه حتى يَفْتَح لهُ القَصْرَ، قال: وهو مِنْ دُرَّةٍ مجوَّفة، سقائفهِا وأبْوابُها وأَغلاقُها ومفاتيحُها منها، تسْتَقْبِله جوْهَرةٌ خضْراءُ مُبَطَّنةٌ بحَمْراءَ، (فيها سبْعونَ باباً، كلُّ بابٍ يُفْضي إلى جوهرةٍ خَضْراءَ مُبَطَّنَةٍ)(١)، كلُّ جوْهَرةٍ تُفْضي إلى جَوْهَرةٍ على غير لَوْنِ الأُخْرى، في كلِّ جوهرةٍ سررٌ وأزْواجٌ ووصائِفُ، أدْناهُنَّ حَوْراءُ عَيْناءُ، عليها سَبْعون حُلَّة، يُرى مخَّ ساقِها مِنْ وراءِ حُلَلِها، كبِدُها مِرْآتُه، وكبِدُه مِرْآتُها، إذا أعْرضَ عنها إعْراضَةً ازدادَتْ في عيْنه سبْعين ضِعْفاً [عما كانت قبلَ ذلِكَ، إذا أعْرضَتْ عنه إعراضةً ازدادَ في عينِها سبعينَ ضِعْفاً عما كان قَبْلَ ذلك، فيقولُ لها: والله لقد ازددتِ في عيني سبعين ضِعْفاً، وتقول له: وأنتَ والله لقد ازددتَ في عيني سبعين ضعفاً]،
(١) ما بين الهلالين غير وارد في "المجمع" ولا في "السنة" للإمام أحمد، فلعلها مقحمة من بعض النساخ. واعلم أن هذا الحديث يفضح المعلقين الثلاثة ويؤكد ما قلته مراراً بأنهم جهلة ومعتدين على السنة، فإنهم لم يستدركوا ولم يصححوا فيه شيئاً مطلقاً، مع تيسر ذلك عليهم ولو بعض الشيء؛ لأنهم رجعوا في تخريجه إلى "المجمع"، و"المستدرك"، و"البعث". ولكنهم مجرد نقلة، لذلك اكتفوا بتحسين الحديث، مع أنهم نقلوا التصحيح من باب (أنصاف حلول)، أما أن يرجعوا إلى الطبراني ويعرفوا أنه عنده بسندين خلافاً لما نقلوه عن الهيثمي -أحدهما صحيح كما قال المنذري- فهيهات هيهات!! وهو مخرج في "الصحيحة" كما تقدم في "البعث".