كما أسلفناه (ص ٤١)، وبناء على ذلك ساق مئات الأحاديث لجماعة من الرواة الضعفاء المعروفين بالضعف عند العلماء، مثل شَهْر بن حَوْشب، وكثِّير بن عبد الله، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعلي بن زيد الألهاني، وعبيد الله بن زحر، وابن لَهيعة، وغيرهم كثير وكثير، وبعضهم ممن يصرِّح هو فيه أنه واهٍ، أي: ضعيف جداً، مثل كثيِّر هذا، ومع ذلك عنعن لأحاديثهم، وكذلك فعل بالأحاديث المرسلة والمنقطعة والمعضلة، إعمالاً منه لاصطلاحه المشار إليه آنفاً. وكذلك صنع بما أعلّه بقوله:"في سنده لين"، أو قوله:"غريب"، وتارة يقول:"غريب جداً"، كل ذلك يعنعن له، والأمثلة تراها مبثوثة في الفهارس، بل رأيته قوَّى حديثاً فيه مَن ضعّفه هو جداً، وهو الحديث (١٦١ - الضعيف)، وليس هذا فحسب، بل عنعن لحديث فيه كذاب ومتروك، وقال فيه:"رفْعه غريب جداً"(رقم ٤٧)، ولآخر حَكم عليه بالوضع (رقم ٥٩٦)، فكيف يلتقي هذا مع العنعنة المذكورة؟!
ولعل أغرب من ذلك كلّه حديث ابن مسعود في صلاة الحاجة (رقم ٤١٨)، فإنه عنعنه مع اعترافه بأن فيه متَّهماً بالكذب، وتعلق في تبرير ذلك بمثل خيوط القمر، فقال عقبه:
"والاعتماد في مثل هذا على التجربة، لا على الإسناد"!
وفاته أن السّنة لا تثبت بالتجربة، لا سيّما وهو مخالف في بعض ما فيه للسنّة الصحيحة الناهية عن قراءة القرآن في السجود، مما يقطع به أنه موضوع، كما بيّناه في التعليق عليه هناك. وفي آخره قوله:"ولا تعلَّموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجابون"! مما يؤكد لك وضعه، فإن الله لا يستجيب دعاءً من قلب