للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكاها أنها اتَّفَقَتْ له أو للبدر البشْتَكي أو لمن تقدَّم.

ثم رأيتُها في ترجمة محمَّد بن أحمد بن عبد الباقي بن منصور بن الخاضِبَة مِنْ "ذيل تاريخ بغداد"، قال: كنتُ ليلةً أنسخُ وأنا في ضيقٍ، وبعد مُضيِّ قطعةٍ مِنَ الليل، خرجت فأرةٌ ثمَّ أخرى، فكانا يمرحان ويلعبان، ودنت إحداهما منِّي، فالقيت عليها طاسةً، فجاءت صاحبتُها، فجعلت تشمُّ الطَّاسة وتضرِبُ نفسَها عليها إلى أن أعيت، فذهبت [فدخلت سِرْبَها] (١)، ثم رجعت بعد ساعة وفي فمها دينارٌ، فألقته ومكثت ساعةً تنظرُ إليَّ، وأنا مُتشاغِلٌ عنها بالنَّسخ، ثم ذهبت إلى مكانها أيضًا وجاءت بدينارٍ آخر، إلى أن أحضرت خمسة أو أربعةً، وفي الآخر أطالت المُكْثَ والنَّظَرَ إليَّ وأنا متشاغِلُ عنها، ثم ذهبت إلى سِرْبها أيضًا، ثم رجعت وفي فمها جُلَيْدَةٌ، فوضعتها فوقَ الدَّنانير، ففهِمْتُ أنَّه لم يَبقَ عندها شيءٌ، فرفَعتُ الطَّاسة، فقفزا ودخلا السِّربَ، فقمْتُ وأخذتُ الدَّنانير فأنفقتُها. وكانت زِنَة كلِّ واحدٍ دينار وربع.

ويُروى أنَّ المقدادَ ذهب لحاجته ببقيع الخَبْخَبَة، فإذا جُرذٌ يخْرِج مِنْ جُحْرٍ دينارًا، ثمَّ لم يزل يُخْرِجُ دينارًا دينارًا حتى أخرج سبعة عشر، ثمَّ أخرج خِرْقةً حمراء وفيها دينار آخر. فقدِمْتُ بها إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل خرَّبت الجحر"؟ قال: لا، فقال: "باركَ اللَّه لك فيها" (٢).

وكذا حكى لنا قضية البراغيث وجَعْلِها في وعاء مختوم عليه في انقلابهم تُرابًا، ثم براغيث، وما تحققت الحكاية على وجهها أيضًا.

وحكى لي العلَّامةُ الشِّهاب الحجازي، قال: كنتُ أقرأُ بشباك الخانقاه البيبرسية في وظيفتي مع الجماعة على العادة، فصادف اجتياز صاحبِ التَّرجمة وابن يعقُوب في خدمته عند قراءتنا: {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} [يوسف: ٦] فحرَّك رأسَه، ثم إنَّني لقيتُه بعد ذلك، فسألني: هل كان ذلك قصدًا أو اتِّفاقًا؟ قال: فحلفتُ له بالطَّلاق أنَّه اتِّفاقًا.


(١) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (أ).
(٢) انظر: سنن أبي داود رقم (٣٠٨٧)، وسنن ابن ماجه رقم (٢٥٠٨).