للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: وقد أسندَ الخطيب في ترجمة أبي بكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة الأدمي القارىء، صاحبُ الألحان، وأحسن النَّاس صوتًا بالقرآن، وأجهرهم به، مِنْ طريق عبد اللَّه بن إسماعيل بن إبراهيم الإمام، قال: رأيتُ أبا بكر الأدمي في النَّوم بعدَ موته بمُدَيْدَة، فقلت له: ما فعل اللَّه بك؟ فقال: أوقَفَني بين يديه، وقاسيت شدائد وأمورًا صعبةً، فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن؟ فقال: ما كان شيءٌ أضَرَّ عليَّ منها، لأَنها كانت للدنيا. فقلت له: فإلى أيِّ شيءٍ انتهى أمرُك؟ قال: قال لي تعالى: إني آليتُ على نفسي أن لا أعذِّبَ أبناءَ الثَّمانين. انتهى.

وورد حديثٌ فيه بشارة لمن عُمِّرَ ثمانينَ، استوفى طرُقَه صاحبُ التَّرجمة في كتابه "الخصال المكفرة"، وساق عقبها للحُسين بن الضَّحَّاك قوله مِنْ أبيات:

أمَا في ثمانين وفيتُها ... عذيرٌ وإنْ أنا لَم أعْتَذِرْ

وَقَدْ رَفَعَ اللَّه أقلَامَهُ ... عَنِ ابنِ ثمانِينَ دونَ البَشَرْ

وإنِّي لِمنْ أُسَرَا الإله ... في الأرض نَصب صُرُوفِ القَدَرْ

فإن يقضِ لي عملًا صالحًا ... أُثَابُ وإنْ يَقضِ شرًا غَفَرْ

وقوله أيضًا:

أصبحتُ في أُسَرَاء اللَّه مُحْتَبَسًا ... في الأرْضِ تحتَ قضاءِ اللَّه والقدر

إنَّ الثَّمانينَ إذ وفيتُ عِدَّتَّها ... لم تُبْقِ باقيةً مِنِّي ولم تَذَر

انتهى.

وكان ابنُ عُيينة يُنشدُ:

سئمتُ تكاليفَ الحياة ومَن يَعِشْ ... ثمانينَ عامًا لا أبا لَكَ يَسْأمِ

ولأبي الصَّلاح ابن عين الدَّولة الصَّفراوي (١):


(١) في هامش (ط) -وأظنه بخط الزبيدي شارح القاموس- ما نصه: لعل هذه القطعة =