للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت في زجاجات (!) فلم يظفَر بها المبيِّضُ. إلى أن قال: فأُناقِشُ المؤلِّفَ في مواضع قد قلَّد فيها غيره، وهي منكرَةٌ، وقال في موضع آخر مِنْ الكتاب: وإذا تأمل المنصفُ يتحقق أنَّ الصواب ما حرَّرناه، وأنَّ شيخنا رحمه اللَّه لم يحرِّر هذا الكتاب، فهذا الموضع مِنَ المواضع التي قلَّد فيها بعض مَنْ صنَّف في القُضاة، ولم يحرِّرْها. وفوقَ كلِّ ذي علمٍ عليم. انتهى.

ولذلك كتب قاضي القُضاة المحبُّ الحنفي الذي تزوَّج السِّبْطُ ابنتَه بعدُ في سنة تسع وسبعين، إذ وقف على ذلك ما نصُّه: كأنَّه ينسُبُ جدَّه إلى القُصُور في البلاغة، وإلى قلَّة المعرفة بالأدب، وأنَّه أبصر منه بذلك، ثمَّ بيَّن أنَّ الصَّواب جُزازات لا زجاجات.

قلت: والإنكار عليه في ذلك أن لو فُرِضَ صحَّةُ قوله، فكيف وتلك كلمات رام أن يعلُوَ فيها فهبَط.

ومن القبائح التي رأيتُها في هذا المختصر: أنَّه عقد فصلًا في مَنْ حصلت له محنةٌ بعد دخوله في المنصب بضربٍ أو سجن أو إتلافِ روح، وكأنَّه جعل لمَنْ تأخَّر مستندًا، وكذا عقد لمن وَليَ القضاءَ مِنَ الموالي ترجمةً، وذكر لبعض أصحابه أنَّه قصد بذلك أن يكون له بهم أسوة إذا وليَ. وباللَّه يا أخي، اعذُرني في ما أشرتُ إليه، فحقُّ شيخنا مقدَّم.

وعمل "جزءًا" جرَّد فيه أسماء الشُّيوخ الذين أجازوا له ونحوهم في كراريس، لا تراجم فيها، وقع له فيه تحريفُ أسماء، لكون اعتماده فيها على النَّقل مِنَ الاستدعاءات، ومواضع سقط عليه مِنَ الأنساب، فلزم تكريرُ الواحد في موضعين فأكثر وهو لا يشعُر، ورُبما يكون تكرارُها في موضعٍ واحدٍ وأماكن يضبطُها بالحروف أو بالقلم وهي خطأ، ومواضع لا يُحْسِنُ قراءتها، فيخليها مِنَ النَّقْطِ، فضلًا عَنِ الضَّبط، وأماكن يحذف ما يكونُ شُهرة الشَّخص به، بحيث يمرُّ عليه مَنْ يعرفُه فيظنُّه آخر لعدم اشتهاره بذلك، بل ربما يكون في ذلك الوصفِ مع ذلك للمذكور تنقيصًا، إلى غير ذلك ممَّا الحامل على التَّعرُّض له ما سبق. ومن كان هذا شأنه في شيوخه، لا يليق به ما تقدم.