للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي زبيد وتعز بالإمام محدث اليمن النفيس أبي داود سليمان بن إبراهيم بن عمر العلوي التَّعزي الحنفي، وأخذ عنه غالب مَنْ ذكرنا وغيرهم، واغتبطوا به، واستمدُّوا من فوائده على جاري عوائده.

وخرَّج وهو هناك مِنْ مرويات نفسه "الأربعين المهذبة بالأحاديث الملقبة"، إجابة لملتمس ذلك منه، وهو النفيس المذكور، خرَّجها في يوم واحد، وكتب وهو هناك بخطه "التقييد" لابن نقطة في خمسة أيام، و"فضل الربيع في فضل البديع" (١) في يومين، كما سيأتي، وأخذوا عنه "مشيخة الفخر ابن البخاري"، و"المائة العشاريات" لشيخه التنوخي، وغير ذلك، سمع ذلك عليه غيرُ واحدٍ.

وكذا حدَّث وهو هناك بكتاب ابن الجزري في الأدعية المسمى "بالحصن الحصين"، وكتب بخطه أوَّل نسخة منه ما نصه: "قال صاحبنا الشيخ الإمام المحدث شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الجزري الدمشقي حفظه اللَّه"، فحصل للكتاب (٢) في البلاد اليمنية بسبب ذلك رواجٌ عظيم، وتنافسوا في تحصيله وروايته، وذلك قبل دُخول مصنَّفه إليهم، ثم دخل وقد مات كثيرٌ ممّن سمعه على صاحب الترجمة، فسمعه الباقون وغيرهم عليه.

وامتدح صاحب اليمن الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد عليّ. وكان لما سمع بقدوم صاحب الترجمة إلى البلاد اليمنية، خطبه للاجتماع به في زبيد، ففعل ذلك، فأثابه أحسن الإثابة، وعامله بما هو جديرٌ به مِنَ الإجلال والاحتفال، جزاه اللَّه خيرًا.

ولقي أيضًا علي بن يحيى الطَّائي الصعدي، عُرف بابن جميع، المفوض إليه أمر عدن، فسُرَّ به كثيرًا، وبالغ في الإحسان إليه، لكونه كان صديقًا لخال صاحب الترجمة قديمًا.

واتَّفق أنه بينما هو مع جماعة مِنْ فُضلاء اليمن في مجلس المذاكرة


(١) في (ب، ط): و"فضل البديع".
(٢) "للكتاب" ساقطة من (ب).