للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمؤانسة، قال بعضُهم: إنَّ في كلام المصريين "اقعدنانَّه قم نانه"، ولا معنى لها، فقال صاحب الترجمة: هذا شيءٌ لا يستعمله الخاصَّة، وأما أنتم لعمومكم يعقِدُ القاف، فقيل: وأنتم تُبدلون الكاف بالهمزة، فقال: وأيضًا هذا لا يستعمله إلا القليل. وأما أنتم فعمومكم يقول عندما يعجب منه "ياه ياه" (يعني بالتفخيم) (١) ولا معنى لها، فقالوا: بل هي لغة، فأنكر عليهم، فسأل عن ذلك المجد (٢) المقدَّمُ ذكره عنها، فقال أيضًا: إنها لغة. قال شيخنا: فوجمت، ثم قلت: فلمن هِيَ؟ فقال: لأهل اليمن، فقلت: فهل هي معتبرة؟ فقال: لا، ولكنهم (٣) لما كثُرت معاشرتهم للأبقار وشرب ألبانها، اكتسبوا النُّطق بها!.

ورجع من اليمن -وقد ازدادت معارفه، وانتشرت علومه ولطائفه- صحبة المحمل الذي جهزه الأشرفُ صاحب اليمن إلى مكة، بعد أن كان انقطع من نحو عشرين سنة، مع محمد بن عجلان بن رميثة الحسني، فرافقه شيخُنا، وسَلِمَ مِنَ العطش الذي أصاب أكثر الحج (٤) تلك السَّنة بمرافقته، لأنه سار - (أعني مع غيره) (٥) من جهة، وخالفه أمير الركب فسار من الجهة المعتادة. فلم يجدوا ماءً فهلك أكثرهم.

ووصل إلى مكة المشرفة فحجَّ في سنة ثمانمائة، وهذه هي حجة الإسلام، وهي الثالثة، بل الخامسة بالنَّظر لمجاورته مع وصيِّه وأبيه، فإنَّه -كما تقدم- كان وهو مُرَاهِقٌ مجاورًا في سنة ست وثمانين مع وصيه، وقبلها وهو طفل مع والده، ثم حج أيضًا في سنة خمس وثمانمائة، [وكانت الوقفة -كما قرأته بخط الشمس بن عمّار- الجمعة، فإنه كان قد حج فيها أيضًا، وسمع يوم عرفة بها قائلًا يقول: لا إله إلا اللَّه، مات البُلقيني. قال: فلمَّا كنتُ بمنى، أخبرني صاحبنا المحدِّث الفاضل أبو الفضل ابن حجر أنَّه قدِم


(١) ساقطة من (ب، ط).
(٢) في (ب، ط): "فأنكر عليهم ذلك فسأل المجد".
(٣) في (ب، ط): "ولكنه".
(٤) و (٥) ساقطة من (ب، ط).