للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى غير ذلك مما لم أقف على حصره.

وأعلى مِنْ ذلك كلِّه أنَّ القاضي كمال الدين ابن العديم سأله عند موته عمَّن بقي بعده من الحفَّاظ، فبدأ بصاحب الترجمة، وثنَّى بولده، وثلَّث بالشيخ نور الدين الهيثمي.

قال صاحب الترجمة رحمه اللَّه: وكان سبب ذلك أكثرية الممارسة، لأن ولده تشاغل بفنونٍ غيرِ الحديث، والشيخ نور الدين كان يدري منه فنًّا واحدًا. انتهى.

ومراده بقوله: تشاغل بفنون غير الحديث: الإكثار من ذلك، بحيثُ لا يتميَّزُ اشتغاله بالحديث عليها، فكأنه يشيرُ إلى أنَّه صاحبُ فنون، وصاحب الترجمة وإن اشتغل بالفنون المشار إليها أيضًا، كان عملُه في فنون الحديث أكثر، بحيثُ لا يكون لعمله في غيره شبه منه فيه، فصار صاحب فن، وحينئذ، فتأتَّى قول إماما الشافعي رحمه اللَّه: ما ناظرني صاحبُ فنٍّ إلا غَلَبني، وما ناظرت صاحب فنونٍ إلا غلبتُه، أو كما قال. هذا إن لم يكن صدور هذه المقالة من شيخنا على وجه التواضع، جريًا على عادته، رحمهما اللَّه (١).

ثم سأل الشيخ نور الدين الرشيدي -الذي تلقَّي صاحب الترجمة عنه كما سيأتي تدريس الحديث بالبيبرسية-[العراقيّ عن سؤال ابن العديم أيضًا] (٢) بعد ذلك، فقال: في الشيخ شهاب الدين ابن حجر كفاية.

قلت: لقد حقَّقَ اللَّه هذه المقالة، وأظهر لأهل عصره منه به الكفالة، رحمهما اللَّه تعالى ورضي عنهما.

وبلغني عن شيخنا العلامة النحوي أبي العباس الحِنَّاوي، قال: كنت أكتُب الإملاء عن شيخنا العراقي، فإذا جاء ابن حجر، ارتج المجلس له.


(١) من قوله: "ومراده بقوله" الى هنا، لم يرد في (ب)، وورد في هامش (ح) بخط المصنف.
(٢) في (ب): "عن ذلك".