للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بجِدِّه الحثيث، حتى انخرط في سلك أهل الحديث، وحصل في الزَّمن اليسير على علم غزير. وقرأ عليَّ الألفية المسماة "بالتبصرة والتذكرة" مِنْ نظمي. وقرأ عليَّ جمعَ "شرحي" عليها قراءة بحثٍ وتأمُّل ونظرٍ وتعقُّل، في مجالس آخرها في العشر الأخير من شهر رمضان سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. وقرأ عليَّ "النُّكت" التي ألَّفتها على "علوم الحديث"، للإمام أبي عمرو بن الصَّلاح رحمه اللَّه، المسماة "بالتقييد والإيضاح لما أُطلق وأُغلق في كتاب ابن الصلاح"، في مجالس، آخرها في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وقرأ عليَّ عدَّة أجزاءٍ مِنَ "العوالي". وكتب عني عدة مجالس من "الأمالي" بعضها باستملائه.

إلى أن قال: وأجَزْتُ له أن يروي ذلك عنِّي، ويقرىء "الألفية" و"الشرح" عليها، و"النُّكت" المذكورة، ويفيدها لمن أراد، ويقرئ كتبَ الحديث، وعلومَ الحديث. وأذِنْتُ له أن يرويَ ذلك، ويلقي بذلك الدُّروس الحديثيَّة، ويروي عنِّي جميع مؤلَّفاتي ومرويَّاتي.

إلى أن قال: وهو غنيٌّ عن الوصيَّة، لرغبته في الخير. زاده اللَّه علمًا وفهمًا ووقارًا وحِلمًا، وسلَّمه حضَرًا وسفرًا. وجمع له الخيرات زُمَرًا.

كتبه عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي. ومن خطه نقلت.

ولولا أنَّ الأوراق المكتوب فيها حصل لها بَلَلٌ، كأنها كانت في الكتب التي غرقت -كما تقدم (١) -؛ لأتيتُ بجميع ما كتب بنصه، ولكنَّ المقصود مما كتب حاصلٌ، واللَّه الموفق.

وقرأت بخطه أيضًا عقب إذن البُلْقَيْنِي وولده له بالإفتاء والتدريس، ما مثاله: كذلك أجزتُ له أن يدرِّسَ ويشغل ويفتي بما حصَّله ممَّا ذَكَرَهُ، وما عَلِمَه مِنْ مذهب الشافعي رضي اللَّه عنه، لِمَا اجتمع فيه مِنْ العلم والفهم والإفادة. وفقه اللَّه للحسنى وزيادة. كتبه عبد الرحيم ابن العراقي.


(١) انظر ص ١٥١ من هذا الجزء.