للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَرْحٍ وتعديل، وحقَّق جميعَ أنواعِ هذه الصِّناعة وغيرها مِنْ فقه وأصول وعربيَّة، ومشاركة في فنونٍ كثيرة، حتى مَهَرَ وساد على الأقران. وأقرَّ له الأئمةُ مشايخُه بالفضل والإتقان، واغتبطوا بوجوده وانتفعوا بملازمته.

حتى قال: وترقَّى وارتفعت درجته، واشتهر بالعلم التامِّ، والفضل الغزير، والذكاء المفرط، وتصدَّى للإفادة، وتفرد بالرِّئاسة، وشاع ذكرُه في الأقطار، واشتهر اسمه، وبعُدَ صيتُه، وتَبَجَّح الأئمَّةُ والفُضلاءُ مِنْ جميع النواحي بالرِّحلة إليه والأخذ عنه، وصار هو المرجوع إليه [والمعوَّلَ عند المشكلات عليه] (١)، ولا تركنُ النَّفسُ إلا إلى كلامه، ولا يَعتمِدُ النَّاسُ إلا على فتواه. وصار فريدَ الدُّنيا على الإطلاق فيما نعلم، وصنَّف التَّصانيف المفيدة البالغة في الإحسان، النافعة لكل إنسان. فذكر جملة منها.

ثم قال: وبالجملة، فهو فَرْدُ زمانه، لم يَرَ مثل نفسه، ولا وقعت عيني على نظيره، ولا أظنُّ أنَّ الزمان فيما بَعْدُ يسمح بمثله:

حَلَف الزَّمانُ ليأتيَّنَّ بمثله ... حنثت يمينك يا زمانُ فكفِّرِ

هذا مع ما احتوى عليه مِنْ دينٍ وعبادة وتواضع وصيام وقيام، واتباع للسنة في جميع أحواله، وإحسانٍ كثير إلى المساكين والفقراء. إلى آخر كلامه.

* * *

ورأيت بخطٍّ مغربيٍّ جزءًا أفرده (٢) شيخَنا مذيَّلًا به على الحافظ ابن ناصر الدين في الحفاظ، فترجمه الكاتب بآخره، ابتدأ بتعيين مولده ووفاته، لكنه أخطأ فيهما، ثم قال: وكان أحدَ الأئمة الحُفَّاظ الذين بهم يُقتدى، وبمآثرهم يُهتدى، ومن يجب إليهم الانتها ويَحْسُنُ بهم الابتدا، وقد انتهت إليه رئاسة العلم في عصره، واشتهر في الآفاق، وانعقد على حفظه وفضله


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(٢) في (ب، ط): "أفرد".