للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَّثنا أبو عمرو بنُ حمدان، حدَّثنا الحسنُ بنُ سفيان، حدَّثنا أحمد بن جوَّاس أبو عاصم، قالوا: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، فذكر الحديث. وقال في آخره: لفظ أبي بكر [رواه مسلم عن أبي بكر،] (١) ويحيى بن يحيى، وأبي كريب، كلهم عن أبي معاوية.

فظاهر هذه العبارة يقتضي أنَّ مسلمًا إنَّما رواه عَنْ هؤلاء الثلاثة، عن أبي معاوية بالإسناد الذي ساقه أبو نعيم. ويؤيِّدُ ذلك اصطلاحُه في جميع كتابه "المستخرج" على نحو ذلك، إذا أخرجَ الحديثَ على الموافقة أو البدلية، ينتهي بالإسناد إلى الشيخ الذي اتَّفق إسنادُه وإسنادُ مسلم فيه، ثمَّ يُحيل على الباقي. وعلي هذا، فلعلَّ الخللَ الواقعَ في نُسَخ "صحيح مسلم" مِنَ الرواة عنه، ويبرأ هو حينئذٍ مِنَ الوهم. ويُقوِّي ذلك أنَّ الدارقطنيَّ قد جزم في "العلل" بأنَّ الصواب أنه مِنْ مسندِ أبي سعيد، ولم يتعرَّض في كتاب "التَّتبُّع" لهذا الإسناد. ولا لكونِ مسلمٍ وهمَ فيه. فالظاهر أنَّ الوهمَ ممَّن دُونَ مسلمٍ.

وأمَّا ما وقع عند ابن ماجه، فلا ريبَ أنَّه غلط، لأنه قَرَنَ بين روايات وكيع وجرير وأبي معاوية، وصيَّرها كُلَّها عن أبي هريرة. وقد أطبق المصنِّفون على أنَّ رواية جريرٍ ووكيع لهذا الحديث عن الأعمش إنَّما هو مِنْ حديثِ أبي سعيد، فرواه مسلمٌ كما تقدَّم مِنْ حديثهما. وهكذا رواهُ أبو نُعيم في "المستخرج" مِنْ طريق إسحاق بن راهويه وأبي خيثمة زهير بن حرب ومحمد بن مهران، كلهم عَنْ جريرٍ من حديثِ أبا سعيد أيضًا.

ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النَّوع الثامن مِنَ القسم الثالث عن محمد بن إسحاقَ بن إبراهيم، وهو أبو العباس السَّرَّاج، قال: حدَّثنا محمد بن الصَّباح، حدَّثنا جرير، فذكره مِنْ مسند أبي سعيد. ومحمد بن الصباح، هو شيخ ابن ماجه في هذا الخبر. وقد صيَّره أبو العباس السَّراج، وهو مِنَ الحُفَّاظ، إذ رواه عنه عن أبي سعيد.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).