للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِمَ لَمْ تستخرجوا (١) النَّصل؟ فقالوا: قد فعلنا.

ونحوه ما حُكِيَ عن عُروة بن الزُّبير رضي اللَّه عنهما، أنَّه حصلت له أَكِلَةٌ، فأشير بقطع العُضو. وفُعِلَ ذلك وهو في الصَّلاة، فما تضوَّر وجهُه، وهذا لشدة الخشوع.

إذا عُلِمَ هذا، فلم يكن صاحبُ الترجمة بالمتشدِّد في الإسماع، بل كان -كما حكاها ابن كثير عن المِزِّي- يحضرُ عنده مَنْ يفهم ومَنْ لا يفهم. والبعيدُ مِنَ القارىء، والنَّاعس والمتحدِّث، والصبيان الذين لا يضبط أحدهم، بل يلعبون (٢) غالبًا، ولا يشتغلون بمجرَّد السماع، ويكتب للكلِّ بحضور المِزِّي السماع.

ثمَّ قال ابنُ كثير: وبلغني عَنِ القاضي التَّقيِّ سليمان بن حمزة، أنَّه زُجر في مجلسه الصِّبيان عَنِ اللَّعب، فقال: لا تزجرُوهم، فإنَّا إنَّما سمعنا مثلهم.

وكفى بهذين الإمامين (٣) سلفًا، بل فعلُه هو حجة لغيره.

ولو تتبعت مَنْ جرى مجراهم في ذلك، لخرجتُ عن المقصود، لا سيما وقد أوضحتُ المسألة في "حاشية الألفية وشرحها"، واللَّه الموفق.

وقد سُئِلَ عمَّن يحضُر مجلسَ الحديث ممَّن لا يفهم العربي، أيكتُب له حضورٌ أو سماع؟ فقال: سماع.

ومِنْ سَعَةِ حفظه: أنَّه حضر ليلةً مِنْ ليالي رمضان بجانب الحاكم للصَّلاة خلف ابن الكُويز، إذ صَلَّى للناس التراويح عقب ختمه القرآن على جاري عادة الأولاد. فجلس بجانب المحراب ينتظر مجيء المذكور، وكان الشيخُ شهابُ الدين بن أسد يقرأ في "الترغيب والترهيب" للمنذري للجماعة الحاضرين إلى أذان العشاء. فلمَّا انتهت القراءةُ ثمَّ الصلاة، ومشي القاريءُ


(١) في (أ): "تُخرجوا".
(٢) في (أ): "لا ينضبط أحدهم بل يلقنون".
(٣) في (أ): "بهذا الإمام".