تربو على مائة ونصفٍ أُودِعَت ... دُررًا تضيءُ اللَّيلَ وقت سَرارِ
وتضوعُ بالمسك الذَّكيِّ لناشقٍ ... حُسنًا فتخجل إذ تضوع دَرَاري
ماذا أقولُ، فلو أطلت مدائحي ... وجعلتُ أهلَ الأرضِ مِنْ أنصاري
لم تبلغ المقصودَ مِنَ أوصافكم ... كلَّا ولم تقرب مِنَ المعشار
فاسْلم على كرِّ الليالي راقيًا ... رُتَب العُلا تَهْنَا بفتح البارِي
ومنها ما امتدحه به لمَّا سافر مع الأشرف برسباي إلى آمِد، فقال:
ما كان ضرَّ أحبَّتي لو واصلُوا ... ما بالُهم قصدُوا الرَّحيلَ وعاجَلُوا
ماذا عليهم لو أقاموا عندَنا ... فلقد أضَرَّ بنا الرَّحيلُ الحاصلُ
يا ليت شعري كيف أضحَوْا بَعْدنا ... في حبِّهم؛ هل ثابتٌ أو زائلُ
أحبابَنَا أرَضِيتُمُ تَفْرِيقنا ... أو كان منكم زلَّةٌ فنحاللُ
أنسيتُم ذاك الزَّمان وبيننا ... تلك المُنادمة التي تُتَناولُ
سرٌ مصونٌ في حديثٍ طيِّبٍ ... في كلِّ شيءٍ نصطفيه واصلُ
أيامَ لا نخشى الرَّقيبَ وشملُنا ... متجمِّعٌ والدَّهرُ عنا غافلُ
أيامُنا أصْفَتْ لنا كاساتِها ... وصروفُها عن ربعنا تَثَّاقَلُ (١)
هاتيكَ أوقاتُ الصَّبابة والصِّبا ... فعلى حِمَاها يُستهلُّ الهاطلُ
أوقاتُنا محفوفةٌ بجمالِكم ... واليومَ هذا الرَّبعُ منكم عاطلُ
تلك اللَّيالي لا لياليَ ذكركُمْ ... أمْرَ الفراقِ وحينَ أزمعَ راحلُ
يا ليتهم ذكروا لنا لرحيلهم ... سببًا فيبقى أو يطيحُ الباطلُ
يا ليتهم وقْتَ الفراق تقلَّدوا ... عهدَ الوِداد ليطمئنَّ الوَاجلُ
يا ليتهم إذ جدَّ جِدُّ رحيلهم ... وقفوا زمانًا يستقيلُ القائلُ
يا ليتهم والبعدُ مِنْ عاداتهم ... أسِفُوا لنا إذ فاتَ دمعٌ سائلُ
(١) في "المختصر": "تتثاقل"، وفي (أ): "تتأفّل".