تولَّيتَها بالعلم لا الجاهِ رتبةً ... غدت بك تزهى مِنْ فَخَارٍ وتَعجَبُ
وفي رجَبٍ وافت إليك فآذنَت ... بأنَّك فردٌ في البرايا مُرَجِّبُ
ومُذ كنتَ أكْفى النَّاس قاطبةً لها ... أتت بابَك العالي لمجدِكَ تخطُبُ
وقد صَدقَتْ رأي الإِمام فأقبلت ... تضمُّك عنه نحوَه وتُرَحِّبُ
لعمري ولو يحيا ابنُ إدريسَ بُرْهَةً ... بدت رؤيةُ الرُّؤيا التي لا تُكذَّبُ
فأنت بما وُلِّيت أولى وأنت بالمعا ... رفِ والمعروفِ أدرى وأدرَبُ
وكلُّ غمامٍ غيرُ فضلك مُقْلِعٌ ... وكلُّ وميضٍ غيرُ برقِكَ خُلَّبُ
نعم وعلى نُعماك نعقد خِنْصَرًا ... ونبسُطُ في القصد المساعي ونرغَبُ
ونبغي بمغناك الغِنَى فلأجل ذا ... ترانا بموصولِ النَّسِيبِ نُشَبِّبُ
فخذ مِنْ ثنائي كالكؤوس محبَّبًا ... وكأسُ الثَّنا عندَ الكرامِ مُحبَّبُ
بجودك سِعرُ الشِّعرِ في النَّاس قد غَلا ... إلى أن غدت أوزانُه تتسبَّبُ
وليس يساوي قدرَكَ العالي الثَّنَا ... وإن أوجزَ المدَّاح فيه وأطنَبُوا
وإنَّا لنرجوا العفوَ منك لهفوِنا ... فما زلت تعفُو حين نهفُوا ونُذنِبُ
بقيتَ شهابًا في سما الفضلِ طالعًا ... وبدرُكَ وضَّاحُ السَّنَا ليس يَغْرُبُ
وعشت لمجدٍ يستجدٌّ بناؤُه ... وحسن ثناءٍ عَنْ معاليك يُعْرِبُ
ورأيت بخطه فيما أرسله لصاحب الترجمة، وأنشدنيه متكلِّفًا:
مولاي قاضي القضاة انظر لعبدك مِنْ ... ضُرٍّ تضاعف حتى صار ضُرَّينِ
رمِدتُ فاسْتَهْلَكَ الكُّحِّالُ ما بيدي ... لقد أُصِبْتُ على الحالين في عَيْنِي
وقوله أيضًا:
أقاضي قضاة الفضل عطفًا فعبدُكم ... إلى جودكم يشكو تجدُّد حَيْنِهِ
فقد مسَّه الضُّرُّ الذي كان مسِّه ... وعاوده ذاك المصابُ بعَيْنِهِ