تحلَّت به الأيامُ فانظر تر الضُّحى ... يُفَضِّض منها والأصيل يذهِّبُ
له راحة لو جارت الغَيثَ في النَّدى ... تقطَّر في آثارها وهو متعَبُ
ألم تر أنَّ السُّحْبَ أمست من الحيا ... إذا ما بدا منه النَّدى يتسحَّبُ
يُجَلِّي دياجيرَ الخُطُوبِ يراعُهُ ... فلله منه في دُجى الخطب كوكبُ
ويُشْرِق ما بين الأنام كأنَّه ... سنا بارقٍ من خلفه الغيثُ يُسكبُ
يدير طِلا الإنشاء صِرْفًا فنتشي ... ويُسمِعُنا شَدْوَ الصَّريفِ فنطرَبُ
تجاسر عودُ اللَّهْوِ يحكي صريفَه ... فمِنْ أجلِ هذا أصبح العودُ يُضْرَب
له اللَّه مِنْ عالي السَّجِيَّة عذبها ... كما انهلَّ من صَوْبِ الغمائم صَيِّبُ
تجانس مَربَاهُ البديعُ ولفظُه ... فيا حبِّذا في الحالتين التأدبُ
طباعٌ مِنَ الصَّهْبا أرقُ ومنطِقٌ ... إلى الصَّبِّ مِنْ ريقِ الحبائب أعذبُ
روى عَنْ سجاياه السَّخِيَّات سهلُها ... وعن سطواتِ البأس حدَّثَ مصعَبُ
لِيَهْنَ الإمامُ الشافعيُّ بأحمدٍ ... فَتًى مَا لَهُ إلا الفضائل مذهبُ
إمامٌ لأشْتَاتِ البلاغةِ جامعٌ ... يقاس بقُسٍّ حين يَرْقى ويخطُبُ
فقيهٌ إذا رام الكفايةَ طالبٌ ... يفيضُ عليه مِنْ عطاياه مطلبُ
وقد حفِظَ اللَّه الحديثَ بحفظه ... فلا ضائعٌ إلا شذًى مِنْهُ طيِّبُ
وما زال يَمْلَا الطِّرْسَ مِنْ بحر صدره ... لآلىء إذا يُملي علينا ونكتُبُ
وأظهر في "شرح الصحيح" غرائبًا ... يُشَرِّقُ طورًا ذكرُها ويُغَرِّبُ
وبارئُه بالفتح منه أمدَّه ... ونال بحسن الختم ما كان يطلبُ
وكم فيه مِنْ بابٍ يدلُّك أنَّه ... لسُبْل الهدى بابٌ صحيحٌ مجرَّبُ
ولم أنسَ إذ بالتَّاج والقرطُ تجتلي ... عرائسُه والحُسْنُ لا يتحجَّبُ
وأجمعَ مَنْ فوقَ البسيطة أنه ... إمامٌ وجهلُ الحاسدين مركَّبُ
أسيدَنا قاضي القضاة ومَنْ به ... تُهنَّى ولاياتٌ ويُغبط منصِبُ
ويا واحدًا قد زان علياه أربَعٌ ... تُقى وعلومٌ واحتشامٌ ومَنْسِبُ