للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للجناب الكريم، المشار إليه وظيفة قضاء قضاة (١) الشافعية بالدِّيار المصرية والممالك الإسلامية المحروسة. فإنَّه الشِّهابُ الذي نجومُ تصانيفه مُشرقةٌ في ظلمة كل إشكال. ولمَّا خشينا مِنَ الجهل برجال الحديث، بادَرَ إلى الاحتفال بأسماء الرجال. وهو بحمد اللَّه نتيجةُ هذا العصر، وصاحبُ المقدمة (٢). وبه حصل التغليق، وفزنا بالتوفيق. وهمنا إليه بالتَّشويق، فأكرِم بها مكرمة.

ولقد تميز عندنا بتقريب الغريب، وقلنا: لا ينكر ذلك لِمَن جُبِلَ على تهذيب التهذيب. وتاللَّه إنَّ ثقاة الرِّجال تشهدُ له بالتَّمييز والإعجاب، فإنَّه المقرِّرُ للإصابة، وعنده شفاء العِلَل وخاص اللباب. ما جاءه مستفيدٌ إلا وجدَ عنده الإيناس وترتيب الفوائد، ولمَّ تفريقَ ذهْنِه، بالمجْمَع، وفرجه بعد نقصه بالزوائد. فإنَّه الشِّهابُ الذي له الأجوبة المشرقة، وصاحبُ الاستدراك الذي التفَّ منه وجهُ كلِّ مصنِّفِ مِنْ الحيا. وكم لمَّ أطراف الأحاديث المختارة، فأغنى بنُورِ شهابِه عَنِ الضياء، وهو صاحب النُّكت والتَّخريج والتغليق والترتيب. وكم جاءنا بالمنتخب والتعريف بالنبأ، ونبَّه الأفهام بالتَّقريب. وإن ذكرت المقاصد الحميدة، فهو صاحبُ المقصدِ الأحمد، وقد استدَّ به هذا الباب؛ لأنَّه صاحب القصدِ المسدد. وهذا الشُهابُ بحمد اللَّه صاحبُ الأنوار، والآيات المنيرة على شمس النهار. وقد أقرَّ له أهلُ العلم بالاعتراف، لما نبَّه ناسيهم بالتذكرة، وعده لهم نزهة النَّواظر وتبصير المنتبه وتربية الطَّالب على الخصال التي هي مِنَ الذُّنوب مكفِّرة. ولقد أرانا مفتاحَ كلِّ تلخيص، وأعرب عَنِ المعجم الكبير وحرَّره.

ولمَّا أحكم تصحيح الرَّوضة، أظهر فُروع أفنانها مُزهرة، وشرح مناسك المنهاج، فحجَّ بالمسلمين وهو قاعد، وكلّ ما علَّق الشافعيُّ القول


(١) "قضاة" ساقطة من (أ).
(٢) يعني "مقدمة فتح الباري" المسماة "هدي الساري"، وابن حجة يورد هنا أسماء كثير من مصنفات الحافظ ابن حجر مثل تغليق التعليق، وتهذيب التهذيب، والإصابة، وتبصير المنتبه، وغيرها، بأسلوب أدبي بليغ.