للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُتبتَه بالفضل، فاتَّصلَ إسنادُه في الصَّحيح إلى أعلى الرُّتب، وأعزِّ الدِّين بعد الغرابةِ بتواترِ شُهرته، حمدًا كثيرًا على جعْلي مستمليًا مِنْ حافظ سنته.

وأُصَلِّي على رسوله الذي نسخت شريعتُه الشرائع، ورسَخَتْ محبِّتُه في قُلوب أهل المغارب والمطالع، وعلى كلِّ نبيٍّ ومرسل، وآله وصحبه، والمقتفين سبيلَه مِنْ بعده مِنْ حِزبِه.

فقد رأيتُ بعضَ مُحِبِّي شيخنا الإِمام، شيخِ الحُفَّاظ والإِسلام، قاضي القضاة، منقطعِ النَّظير والصِّفات، شهاب الملَّة والدنيا والدين، أبي الفضل أحمد العسقلاني الشافعي، جعله اللَّه مِنَ الفائزين. قد نعتُوه بقصائد في غير بحرٍ كالطَّويل، وعرفتُ أنَّ باعي قصير عَنِ السَّبيل إلى علم الخليل، وكنت من أكثرهم محبَّةً في هذا الحَبْر، لِمَا أسداه إليَّ قديمًا وَحديثًا مِنَ الخير والجَبْر، فتعلَّقتُ تعلُّق الآمل في حصول الآجل، في الوقت العاجل، ونظمتُ هذا العِقْدَ النَّفيس في الرَّئيس البحر الكامل. فأقول وباللَّه أعتصمُ مما يَصِمُ (١):

اللَّهَ أحمدُ دائمًا مع شُكْرِه ... مِنْ بعدِ تسميتي بأعظم ذكرِهِ

ثمَّ الصَّلاةُ مَعَ السَّلامِ على الرَّسو ... ل وآله والمقتفين لإثرِهِ

فالبِشْرُ بشَّر بالهنَا من قد دَنَا ... ودعا إليه مَنْ نأى في برِّهِ

سِرْ يا غريبُ إلى العزيزِ بمصرِه ... وارحَلْ إلى المشهورِ رُحْلَة عصْرِهِ

فلقد تواترَ فضلُ أحمدَ مُذْ بَدَا ... نورُ الشِّهابِ أنارَ كوكبَ بَدْرِهِ

وعَلا على أهل العُلوِّ حديثُهِ ... وسما بعلمِ أُولي السُّمُوِّ ونَشْرِهِ

أصلٌ تفجرَ نهرُهُ مِنْ عسقلا ... نَ وفرعُه روَّى أراضيَ مِصْرِهِ

نبتَ الرَّبيعُ لوقته ممَّا روى ... قَطَرَ النَّباتُ حلاوةً مِنْ قَطْرِهِ


(١) قال المصنف في الضوء اللامع ٣/ ٢٢٨ في ترجمة العقبي: ومدحه -أي ابن حجر- بقصيدة حسنة ذكرتها في "الجواهر".