للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي خدمة الباري تراهُنَّ ركَّعًا ... قيامًا بمحراب المهارق سُجَّدَا

له اللَّه حبرًا كم أتمَّت صلاتُه ... صلاةً وكم أحيا بمحياه مسجدَا

بعلم قضى فينا وأدَّى حقُوقَنَا ... فأحسنَ فعلًا في القضاء وفي الأدَا

وما إن رأينا أو سمعنا بعصرِنا ... أعفَّ وأزكى منه نفسًا وأزهَدَا

إذا قام في المحراب للَّه قانتًا ... بترجيع صوتٍ خِلْتَ في القوم معبَدَا

فكم قد وفي وعْدًا وأنجز مَوعِدًا ... وكم قد رعى عهدًا وجَدَّد معهدَا

وكم قد رأى درسَ المدارس دارسًا ... فصيَّر فيه مَعْلَمَ العلمِ مشهدَا

حليفُ الهدى مُولي الندى سامعُ النَّدا ... بعيدُ المدى واقي الرَّدى كابتُ العِدَا

شهابُ علومٍ ثاقبُ الفكرِ مُحرِقٌ ... لشيطانِ إنسٍ قد طغى وتمرَّدَا

فمَنْ يسترِقْ بالسَّمع نقلَ حديثِه ... يُذَدْ عَنْ سما علياهُ حقًا ويُطْرَدَا

له مفرِق الجَوْزَا بساطٌ وإنَّنا ... لنرجو له في حضرة (١) القدس مقعدَا

أبي الفضلُ إلا أن يكونَ له أبًا ... فنال به أصلًا عريقًا وسؤدُدَا

محطُّ رحال الطَّالبين فجلُّهم ... لبيتِ النَّدى والعلمِ وافى مجرَّدَا

وللحَرَمِ الميمون مِنْ كلِّ وُجْهَةٍ ... مشارقها والغرب يسعون وُفَّدَا

إلى حجر يُنْمَى (٢) عليُّ مقامِه ... فاكرِمْ به للبيت ركنًا مشيدَا

غدا شافعيَّ الوقتِ إذ كان وارثًا ... لعلمٍ به خصَّ المهيمنُ أحمدَا

ومالكه أهدى لنعمان روضِه ... أبا يوسف مِنْ فضله ومحمَّدَا

تكوَّن من نُورٍ وأشرقَ بدرُه ... فللَّهِ ذو النُّورين فرعًا ومحتدَا

وحاز جمالًا في رُبا العلم قد نشَا ... عزيزًا بعليا مصرَ أصبحَ سيِّدَا

تَسَرْبَلَ بالتَّقوى وتُوِّج بالعُلا ... وصارَ شعارُ الأشعريِّ له رِدَا


(١) في (أ, ط): "مقعد".
(٢) في (أ): "ينمو".