للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا كان جميعُها بالبيبرسية، إِلَّا بعضها -وهو مائة وأربعة عشر مجلسًا- ابتداؤها يوم الثلاثاء رابع جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وانتاؤها يوم الثلاثاء ثاني ربغ الثاني سنة اثنتين وخمسين، فبدارِ الحديث الكاملية.

فجملة ما أملى -رحمه اللَّه- ألف مجلس ومائة وخمسون مجلسًا، تزيد قليلًا أو تنقص قليلًا على ما تقدم، وقد بلغت عدَّة مجلدات "الأمالي" كلِّها في بعض النُّسخ عشر مجلدات يُمليها رضي اللَّه عنه مِنْ حفظه مهذَّبة محرَّرة مُتقنة كثيرة الفوائد الحديثية، ويتحرَّى فيها العُلُوَّ، مستفتحًا مجلسه بقراءة سورة الأعلى، والصلاة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والدُّعاء له وللحاضرين والأئمة الماضين.

قلت: وقد سُئل عن الحكمة (١) في خصوص سورة الأعلى دُون غيرها، فقال: قد تبعتُ في ذلك شيخنا العراقي، وفيها من المناسبة قوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى}، وقوله: {فَذَكِّرْ}، وقوله: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}.

وكان في الأمالي (٢) يُنشد كثيرًا مِنْ نظمه. فممَّا أنشده قوله:

ياربِّ ذكْرني فقد قدَّرتني ... من يوم مبدأ إنشائي نسَّاءَ

وإذا خطوت إلى الخَطا فاغفرهُ لي ... كرمًا فأنت خلقتني خطَّاءَ

ومِنْ ذلك قوله:

إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات في ... كلِّ أمر أمكَنَتْ فرصته

فانوِ خيرًا أو اعملِ الخيرَ ... فإن لم تُطِفهُ أجزأت نيَّتُه

وأنشد في أواخر شعبان سنة تسع وأربعين وثمانمائة عند قطعه الإملاء لأجل دُخول رمضانَ على عادته:

يقول راجي إله الخلق أحمد ... من أملى حديث نبيِّ الحقِّ متَّصلا


(١) في (أ): "الحكم".
(٢) في (ط): "الإملاء" وفي (ح): "الأمالي المطلقة".