للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبيتها بالقُرب مِنْ منزل شيخنا، فما شعروا إلَّا وقد أمر صاحبُ التَّرجمة، بإدخال الجنازة: جامع الأقمر، وقدَّم الشَّريفَ النَّسَّابة للصَّلاةِ، قائلًا له: تقدَّم يا سيِّد، فإنَّها ابنةُ عمِّك وأنت أحقُّ بها، فكانت مِنْ النكت اللطيفة.

ونحوه ما اتَّفق قبل ذلك أنَّهما اجتمعا في وليمةٍ عند القاضي أبي العدل البلقيني في مدرستهم، وكان بينهما إذ ذاك شيءٌ، وشيخُنا هو القاضي حينئذٍ، فحضرت الصَّلاةُ، فقدم الشيخ نور الدين بن الركَّاب المقرىء للصلاة إمامًا.

وأين هذا مما اتَّفق، وهو أنه في رجب سنة ثمان وثلاثين توفي الشهابُ أحمد بن ناصر الدين محمد بن أبي بكر بن رسلان البلقيني، قريب قاضي القضاة علم الدين، فحضر شيخُنا صاحبُ التَّرجمة -وهو إذ ذاك صاحبُ المنصب- جنازتَه مع قريبه، فلمَّا انتهيا إلى قُرب محل الصَّلاة، أمر القريب بوضع النَّعش، وتقدم للصَّلاة عليه إمامًا، فركب صاحبُ التَّرجمة بغلته وانصرف.

ولفعل القاضي علم الدين هذا لمَّا توفي القاضي تقي الدين البلقيني، [وذلك في شوال من السنة] (١)، وكان شيخنا إذ ذاك أيضًا قاضيًا، حضر إلى بيته فعزّى ولدَه وانصرف، واعتذر عن عدم الحضُور بقوله: القريبُ أولى.

ولما حضر البلقيني في ختم "البخاري" المشار إليه. سأل بعض الفضلاء عن الحكمة في انفراد طلحة بالقيام لكعب في قصَّة توبته رضي اللَّه عنهما، فبادر القاضي بقوله: لقرابةٍ بينهما، فعارضه حفيدُ أخيه القاضي علاء الدين في ذلك بقوله: مِنْ أين القرابةُ؟ وأيَّده شيخُنا بقوله: أحسنت بارك اللَّه فيك لم تكن بينهما قرابةٌ أصلًا. نعم، لو قال القاضي لمؤاخاةِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما، لكان أحسن (٢)، فتغيَّر خاطِرُه من ذلك، وبادر حين فراغِ المجلس، واستجازه القارىء -وهو سبطُ شيخنا على العادة- إلى الإجازة، فتبسَّم


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(٢) في (ب): "حسنًا".