للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبعض الصلوات، ووضع الحساب، وكان معه بين يديه، والقاياتي قل أن يلي القضاء بجانبه، فأخذه ونظره وفهم ما فيه، فلما وَلِي القضاء، وأغرَوْه بشيخ الإسلام، وألحَّ عليه الأعداء في ذلك بعد أن كان سلَّم كل واحدٍ منهما على الآخر أوَّل الولاية كما تقدم قريبًا، وتوجه شيخنا إليه مرة بعد أخرى، وفعل القاياتي معه في المرة الأولى منهما ما يليق به من الإكرام والاحترام، بحيث أجلسه موضعه، ولامه بعض من آذاه على ذلك، ولم يلبث أن حضر إليه ثانيًا، فلم يمش على طريقته الأولى، وكان معه في المرة الأولى القاضي كمال الدين بن البارزي، وقال له القاياتي في إحدى المرتين: يا مولانا قاضي القضاة، ليس الغرض إلا براءة الذمَّة، فقال: واللَّه ما في ذمَّتي لجامع طولون شيءٌ، وإن أردت المباهلة باهلتُك، فقال له القاياتي: معاذ اللَّه. لكن قال بعض جماعة شيخنا: إنَّه لعله باهَلَهُ بالحال، وأنكر الناس على القاياتي ذلك، ومنهم ابن البارزي المذكور، لكن كان صاحب الترجمة نفسه يعتذر عنه بقوله: أعرف أنه تجمل في أمور كثيرة، فبالجهد [حتى يتحرك لبعضها.

ولم يكن ذلك بمانع لشيخنا عن الثناء على القاياتي] (١) حتى بعد وفاته رحمهما اللَّه، بل رفع إليه سْخص سؤالًا منظومًا في وسط ولايته، وذكر فيه أنه التمس من القاياتي الجوابَ عنه نظمًا، وأنه أقام عنده مدَّةً ثم أُعيد بدون جواب، فأجابه صاحب الترجمة، وتعرَّض للرد على السائل فيما أشعر به كلامه من التنقيص كما سيأتي في الفصل الخامس من الباب السادس (٢).

وقال في ترجمته بعد وفاته من كتابه "إنباء الغمر" (٣): إنه امتنع من لُبس الخلعة تورُّعًا وأنه باشر بنزاهةٍ وعفَّة، ولم يأذن لأحدٍ مِنَ النُّواب إلَّا لعدد قليل وتثبّت في الأحكام جدًا وفي جميع أموره.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).
(٢) ص ٨٦١.
(٣) ٥/ ٣٤٣.