للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وبذلك يظهر لك علوّ شأن صاحب التَّرجمة وإنصافه، والسَّبب في امتيازه بميل النَّفس إلى مقاله. أما من يَصف شخصًا في حال صحبته له بالأوصاف الحميدة، ثم يُناقِضُ نفسه بعد تسبُّبه فيما يقتضي الاستيحاشَ، كما عُرف ذلك بالاستقراء مِنْ صنيعه في جمٍّ غفيرٍ، فهذا لا يُقبلُ له قول في الطَّرفين.

وقد أشرتُ إلى بعض صنيع هذا المهمل عند ذكر تاريخ صاحب الترجمة في أسماء تصانيفه مِنَ الباب الآتي نسأل اللَّه التوفيق، لكلمة الحق في السّخط والرِّضا] (١).

وكان مجيءُ شيخنا إلى القاياتي في كلا المرتين بعد أن كان طلب ولده مع جماعة من المباشرين، وألزمهم بحساب الجامع المذكور، وأقاموا في الطيبرسية أيامًا، وكان السفطي يمرُّ حينئذٍ بهم، فيتأوَّه لولدِ شيخ الإسلام وهو على هذه الحالة، وربما بكى، ولم يُنتج ذلك غير امتهان أولاد العلماء، بل أظهروا حسابًا فيه لشيخنا خمسمائة دينار.

وكان القاضي تاج الدين البلقيني توسَّط بين صاحب الترجمة والقاياتي باختيار كل منهما له في أن يسكت عَنِ المطالبة بها كما يسكت عن مزيد الفحص في العمارة.

هذا ما يتعلق بصنيع القاياتي في القضاء.

وأما الخانقاه البيبرسية، فإن الأعداء حسَّنوا له إيصال أمرها بالسلطان، والتماسه منه الإذن له في عمل الحساب، ليظهر ما في جهته من المال، وسمَّوا قدرًا كبيرًا استكثره السلطان وكلُّ من سمعه، فسكت وفارقه القاياتي.

فلما كان في بعض الأيام، قال السلطان للقاضي زين الدين


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب) وورد في هامش (ح) بخط المصنف.