للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والديانة، والآخر بعكسه، وربما وجب عليه بيانُ حال هذا المجاهر إذا كان هناك مَنْ يغترُّ به.

وقد بسط شيخ الإسلام النووي القول في ذلك في آخر كتاب "الأذكار" وبيَّن حال مَنْ يُباح ذكره. بما فيه، وأحال عليه في زياداته في "الروضة"، فمن أراد الوقوف عليه، فقد أرشدته إليه.

ومن جملته بيان حال المحدِّث، ثم الذي يتقيَّد بصنف من الناس تارة يكون محدثًا، وتارة يكون غير محدث، فالمحدث أصلُ وَضْع فنِّه بيانُ الجرح والتعديل، فمن عابه بذكره لعيب المجاهر بالفسق، فهو جاهل أو ملبِّسٌ أو مشارك للمجاهر في صفته، فيُخشى أن يسري إليه الوصف. ثم هذا المحدث يكون تارة بلغ رتبة الاجتهاد في الجرح والتعديل، وتارة يكون ناقلًا عن غيره، فالأول هو الذي تقدَّم تفصيل حاله، والثاني يلزمه تحرّي الصدق في النقل، ولا يعتمد على مجرّد التشنيع من كل أحدٍ، فإن للناس أغراضًا متفاوتة، بل ينظر في الناقل له، فإن كان ثقة، ليس بمتَّهم في المنقول عنه فليعتمده، وإن سماه، فهو أبرأُ لساحته، وإن شك فيه، فليقتصر على الإشارة، ولا يجزم بما يتردَّد فيه، بل يأتي فيه بصيغة التمريض، وإن كان الناقلُ له ممَّن يُنسب إلى المجازفة، أو كان بينه وبين المنقول عنه حظُّ نفسٍ، فليجتنب النَّقل عنه، فإن اضطر إلى ذلك، فليكشف أمره.

وقد خاض في ذلك مَنْ لم يُشَكْ في ورعه، كالإمام أحمد والبخاري، وهو القائل: ما اغتبت أحدًا منذ علمتُ أنَّ الغيبة حرامٌ. ومِنَ المتأخرين الحافظ تقي الدين عبد الغني صاحب "الكمال في معرفة الرجال" الذي هذَّبه المزيُّ، ولقد كان من الورع بمكان مشهور. انتهى.

وهذا فصل نافع أحببتُ أن لا أخلي الترجمة منه، وإن خرجتُ عن المقصود.

[وكذا سمعتُ غير واحد من المعترضين يذكر أنه أودع في "تاريخه" عدة حوادث انفرد بها، ولم نسمع أحدًا ممن كان في ذلك المكان بذلك الوقت يذكرها.