وطالما التمس ممَّن له مشاركةٌ في الفنون مِنْ جماعته أخذ كتابه "انتقاض الاعتراض" والمرور عليه، والإلحاق فيه لما ينبغي إلحاقه، وإن اختار أن ينسُبه لنفسه آثره بذلك، فما وجد مَنْ فيه قابليةٌ لذلك. نعم، أخذه الشيخ جمال الدين عبد اللَّه ابن شيخه المحب ابن هشام، وكان مِنْ جماعته، فمرَّ على كرَّاس منه، وتوفي صاحب الترجمة، فأخذ الكتاب منه.
وكذا حَرَصَ على الالتقاط من "شرحه على البخاري" لما يكون تعقُّبًا على الكرماني والزركشي، وإفراد ذلك بالتصنيف، فما لبَّى أحدٌ منهم دعوته.
واتفق أنه فهم من بعض جماعته الاعتناء بما يصدر منه حالة التقرير في "ألفية الحديث" و"شرحها"، فأعطاه مجلدًا من تذكرته"، وقال: استخلص مِنْ هذا ما يكون مِنْ غرضك، فتمادى فيه، بحيث لم يكتب إلا اليسير، ووقف عليه صاحب الترجمة، فكتب عليه، لكنه صرح لبعض الأفاضل الثقات مِنْ جماعته بعدم ارتضائه كما قدمته قبيل ولايته القضاء من هذا الباب.
وأعطاني ما عمله من "أطراف الأجزاء"، وهو في عدة ربطات، وعيَّن لي أسماء الأجزاء التي طالعها بخطه، وأمرني بمطالعة غيرها، ودفع لي منها جانبًا، ففعلت اليسير، ثم تركت.
وقلت له مرة: أحب أن آخذ "تاريخ الإسلام" للذهبي، فأُفرد منه من ليس في "التهذيب" و"اللسان". فواللَّه رأيته فرح بذلك، وقال: وكذا احذف منه الوزراء ونحوهم ممَّن لا رواية له، وأكمِل ذلك سريعًا حتى أتحفك بتتمات فيه، ويكون كتابًا حافلًا، فعاق المقدورُ عن ذلك، ولو رأى الكتاب الذي جمعته بعده، لقرَّ عينًا.
وأعطى سبطه ما عمله في "طبقات الحفاظ" للذهبي، ليبني عليه.
وسمعته يسأل صاحبنا النجم بن فهد سنة خمسين في الإقامة بالقاهرة، ليرتُبه في شيء يعمله، فما وافق (١) على ذلك. يسَّر اللَّه لنا ولهم أحْسَنَ المسالك، ونفعنا وإياهم بما علمنا، وختم لنا أجمعين بالحسنى.