للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سطر في مدح المخدوم قصيدةً مقرَّة عند صدورها بالعجيم والتقصير، ملتثمة بالحياء تمشي على استحياء، وصاحبها لما نزل عليه من الأجوبة الغنية فقير، وهي جارية يتيمة، سمّاها شرف انتمائها جوهرة ورقيقة الألفاظ، ولسعادة مَنْ نُظمت فيه، أمست محرّرة، والمسؤول إسعادُها بالنَّظر إليها، وإسعافُها بالوقوف عليها، لا زال المولى واسع الصدر لمن ضيَّق عليه مِنْ صغار المتأدبين، ولا برح ممدَّحًا بسائر اللغات، حتى على رأي العوام بالسِّين.

ومن رسائله: رسالة في مكدي، منها:

وتناول لقوس قامته وتر العصا، وأطاع شيطانَ هواه ولربه قد عصى، وفرَّغ في الملأ سهام إساءته الوافرة وأنفذها، وقرّب كلماته السَّخيفة إلى الأذهان، وهو عن الصواب أبعدها، وسنَّ سيفَ لسانه للكُدية وشحذ، ورمى الحياء وراء ظهره ونبذ، ورافق المُكدين وماشى، وأجدب وجهه لمّا عدم ماء الحيا فصنع ما شا، فكم أخطأ طريق الصواب، واعتمد (١) على التمسُّك بحبال شمس الكُدية، وهى مِنْ أوهى الأسباب، فهو في الضَّعف والدناءة والجرأة والقُبح والخلاء كالذُّباب.

ومنها: من رسالة أولها: يقبّل الأرض التي (٢) أشرق نورُها، وتضاعف عبدُها من الحزن لبعدها (٣)، فتضاعف عندها بقُربه سرورُها، ويُنهى ثناءه الذي حفظ طيه فضاع وكتمه عن الحاسد، وإخفاءُ الشمس لا يُستطاع، وشوقه الذي كلَّما تبلَّد بالبُعد خاطره، ذكت ناره، ودمعه الذي ساحله بالبحر فاحترق، وأنفاسه دخانه، وتساقطُ جمرات الدموع شرارُه.

منها: وودَّ المملوكُ لو كان عِوَضًا عَنْ هذه الضَّراعة التي قصَّرت لدى الحضرة النُّورية التي أشرق نورها وتضوّع زهرها، فهي على الحالين نوَّرت، وتيمَّم صعيدًا طيّبًا، فإنَّ ماء الفضل في مصر معدوم، وأهلُها أقربُ النَّاسِ


(١) في (أ): "واعتمدت".
(٢) في (ب، ط): "الذي".
(٣) في (ب، ط): "لبعده".