للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لجهل معلوم، واللَّه يحقّق هذا الأمل، ويتبع صحيح النِّية بحُسن العمل.

ومنها من أخرى يشكو فيها خمول فن الأدب، ومُضيَّ العُمر في التَّعازي والتهاني:

وضيَّع المملوكُ جواهرَ كَلِمِه في مدح الأعراض، وكيف لا يضيعُ الجوهر في الفاني، وقد أقسم صدر قلمه أنه لا يعود في العقد بسحر البيان (١) نفَّاثًا، وطلّق أبكار هذا الفن الذي لا يلتفت إليه أحدٌ ثلاثًا.

ومنها من أخرى إلى بعض الأصحاب:

وأدِم السُّرور والشُّرب، فالنفس ما تُسَرُّ (٢) إلَّا بالمُدام، وبادر إلى الصَّبوح قبل أن تَفُكَّ يدُ الصَّباح أزرارَ النُّجوم مِنْ غُرى الظلام، وعاشِرِ الأفرادَ بوصل الخُماسيات مِنْ أقداح الرّاح وقدودِ الملاح، واطَّرح رداء الاحتشام بعقلٍ مزال (٣) وجدَّ مزاح حتى ترى ثعلب الفجر وقلبه يخفق خوفًا من بُزوغ الغزالَة، والعاشق واصَلَ سَقْيَ محبوبه ولم يخشَ صدّه وملاله.

ومنها: وَصِل مَنْ قطعت مِنْ غُرر أحبابك ودُرر حبابك، وكمِّل بالحضور تَرَحَ أعدائك وفرَحَ أصحابك فقد مَسَحَت راحةُ الثُّريَّا جفون النّدامى مِنَ المنام، وهبُّوا لشأنهم على العادة وقت الأذان، والسلام إن شاء اللَّه تعالى.

ومنها استدعاء للقاضي بدر الدين بن الدماميني:

الحمد للَّه مجيب الدَّاعي أن رأى المخدوم ثبَّت اللَّه أحكامه، وأعلى في الخافقين أعلامه، ما طلع بمصر بدرٌ تراه الشهب منها أسنى، وما أنبتت راحته في رياض طرسه أغصان سطور إذا وقع فيها قلمه، قلنا: هذه الروضة الغنَّا، وما أمست محاسنُ لفظه زائدة، وأصبح في الفضل معنا حتى يعودَ به ميتُ الآداب حيًا، ويروي بفضله قارىء كلامه، فيظن أنه لثم ثغر محبوبته


(١) في (أ): "اللسان".
(٢) في (ط): "ما تنصر".
(٣) في (ب): "زائل".