للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجانِبْهُمُ إنِّي نصيحٌ مجرِّبٌ ... ولا تَبْتَئِسْ فالقولُ عنك يخيلُ

فإنَّ الفتى ما دامَ بالحَزْمِ عاملًا ... فكلُّ رداءٍ يرتديه جميلُ

خبُرتُهم قِدْمًا فما منهمُ (١) وفَا ... بلى عندهم مِنْ الأفضَلينَ فُضولُ

سوى صاحبٍ يا صاحِ بي مُتَرفِّقٌ ... وذاك له بين الضُّلوع مقيلُ

يحقُّ له منِّي الصِّيانة (٢) إنَّه ... قَؤولٌ لما قل الكرامُ فعُولُ

يُصاحبُنِي في القَبْضِ والبَسْطِ دائمًا ... وليس له بينَ الأنام عديلُ

يغالِبُ أحيانًا وغالبُ غالبًا ... وفي كلِّ حالٍ بالسُّطُوِّ يَصُول

ووافرُ قدرٍ كاملٌ فيه خِفَّةٌ ... ولا عجبٌ أن يُنْفَ عنه ثقيلُ

له إخوةٌ مِنْ جنسِه لا بلفظِه ... وربَّتما ساوَوْهُ وهو صقيلُ

وليس بجسمٍ مع جهالةِ قدره ... على أنَّه للجسمِ سوف يؤولُ

وفي الطَّردِ تلقاه وبالقلب ساكنٌ ... وليس لمثل القلب عنه ذُهُولُ

إذا اقتصَّ ممَّن قد جنَى عنهُ لَمْ يكُنْ ... وفاءٌ وقد صحَّت بذاك نُقُولُ

له ديَّةٌ كالنَّفسِ كاملةٌ إذا ... وُجوبًا على الجانينَ حينَ يجُولُ

ويُحْسَبُ حرفٌ منه نِصْفٌ جميعُه ... وفي جمل الأسباب منه فصُولُ

وزاد على عدِّ الثلاثين ثُلثه ... وفيه معانٍ في البيان تطولُ

فيا علماء العصرِ والأدباء مِنْ ... تُقِرُّ لهم عند الجدال فحولُ

أبينُوا رُموزي لا عَدِمْتُم سعادةً ... مِنَ اللَّه فالأفضال منه جزيلُ

فكتب إليه معتذرًا عن الجواب:

لك الخيرُ لي شغلٌ بقلب مُمَلَّأ ... وجسمُ انتحالي للقريض نحيلُ

فعذرًا فما أخَّرْتُ نظم جوابِكُم ... لبُخْلٍ ولكن ما إليه سَبِيلُ


(١) في (ط): "فيهم".
(٢) في (ط): "الصبابة".