للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُميل أيضًا ممَّن حجَّ، واتَّفقَ وصولُهما منزلة الوجه، وليس بها ماءٌ، فقال ابنُ كُمَيْلٍ:

أتيتُ إلى الوجه المرجَّى نوالُه ... فشَحَّ وما سحَّ الحيا بِنَداهُ

وأسفَرَ عَنْ وجهٍ وما فيه مِنْ حيا ... فقلت: دعُوه، ما أقلَّ حيَاهُ

فلمَّا رجعا، كان الماءُ به كثيرًا، فسأل شيخنا أن يقول في ذلك، فقال: بل الأولى أن تُصلِحَ أنتَ ما أفسدت! فقال أيضًا:

أرانا الجميلُ الوجه معتذرًا لنا ... فأوليتُه شكرًا وما زلتُ مُثنيا

وأطرقتُ رأسي منه في الأرض خَجْلَةً ... وما اسْطَعتُ رفْعَ الرَّأسِ مِنْ كثرَةِ الحيَا

وذكرت هذا هنا استطرادًا (١).

وكتب إليه الشريف صلاح الدين محمد [بن أبي بكر] (٢) بن علي بن حسن الأسيوطي في العقل ممَّا سمعه منه صاحبنا النَّجم الهاشِمِىُّ:

ألا يا ذوي الآداب والعِلْمِ والنُّهى ... ومَنْ عنهمُ طبت صبا وقَبُولُ

فدَيْتُكم لم لا نفيس نفوسكم (٣) ... تصونونه كيْما يعُزُّ وصولُ

فإنِّي رأيت الفضل قد صارَ كاسِدًا ... على أنَّ أهليه إذًا لقليلُ

فعن رؤساء الوَقْتِ عدِّ وخلِّهم ... فليس إلى حُسْنِ الثَّناء سبيلُ

ولا تنسَ أبناء الزَّمان فشرحُ ما ... يسُوؤك منهم إنَّه لطويلُ


(١) يبدو أن شعراء العصر كانوا يكثرون التندر بهذه البلدة، وهي مِنْ منازل السفر على طريق الحاج، ومن ذلك ما أنشده الشهاب المنصوري عندما نزل بها:
أقول وقد جننا إلى الوجه نرتوي ... وتصطبح الحجاج منه بماءِ
ألا إن هذا الوجه قل حياؤه ... ولا خير في وجه بغير حياءِ
انظر المنجم في المعجم للسيوطي بتحقيقي ص ٧٨.
(٢) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (أ).
(٣) في (أ): "نفيسكم".