للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو مِنَ الحديث؟ فقلت له: إن ظننت يا شيخُ أنَّ الحافظ لا يُكتب إلا لمن [يحفظ جميع حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فينبغي ألا يكتب] (١) هذا لأحد، وإن كانت تُكتب لمن يحفظ البعض دون البعض، فأنا ويحيى وأنت والكلُّ فيه سواء، فسكت، ولم يقل شيئًا. ثم قال ابن السمعاني: وقد لُقّب بها جماعة من أهل بغداد ممن لا يعرف من الحديث شيئًا، لكن لحفظهم الثياب في الحمامات لُقّبوا بذلك، إذ عندهم من يحفظ الثياب يقال له: الحافظ!.

قلت: وكذا لُقِّب الخليفة بمصر عبد المجيد بن محمد بن سعد: الحافظ لدين اللَّه، وربما اختصر، فقيل: الحافظ، كما يختصر كثير ممن يلقَّب حافظ الدين، فيقال له: حافظ.

وقد أُفرد الحفاظ بالتأليف، وأجمع كتاب وقفت عليه في ذلك -مع إعواز كثير- كتابُ الحافظ أبي عبد اللَّه الذهبي، رتبه على الطبقات، وأفرد صاحب الترجمة منه مَنْ ليس في "تهذيب الكمال" في مجلد رأيته. واستدرك بعضًا مما فاته. بل قرأت بخطه أنَّه رتَّب الكتاب على حروف المعجم، بيَّض منه نصفه الأول، وذيَّلَ على الذهبي الحافظُ شمسُ الدين الحسيني الدمشقي، وذيّل على الحسينيِّ، شيخنا (٢) الحافظ تقي الدين بنُ فهد الهاشمي المكي، وعمل حافظ الشام الشمسُ بن ناصر الدين في الحفاظ منظومة سماها "بديعة البيان في وفيات الأعيان"، وشرحها في مجلد سماه "التِّبيان لبديعة البيان" وجملة من زادهم على الذهبي ستة وعشرون نفسًا، وذيّل عليه صاحب الترجمة في كراسة وقفتُ عليها، وفيها ثمانية وعشرون نفسًا.

ورأيت جزءًا مختصرًا جدًّا في ذلك للحافظ أبي الفرج بن الجَوْزي، رتَّبه على الحروف، وافتتحه بأبواب: أولها: في الحثِّ على حفظ العلم، وثانيها: في صِفة مَنْ هو أهلٌ للحفظ مِنْ حيثُ الصورة والخلقة، وثالثها: في الأدوية المُعِينة عليه. ورابعها في أحكام المحفوظ وثبوته، وخامسها: في


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (أ).
(٢) "شيخنا" ساقطة من (ب).