فإن تفضَّلتم الآن بجواب، فغيرُ بِدْع أنَّه يومُ الإجابة، مِنْ عدَلْتُم للاسترواح إلى غدٍ، فذاك عينُ الإصابة، ورأيُكم العالي أعلى، وحسبُنا اللَّه ونعم الوكيل.
فكتب ما نصه: أسألُ اللَّه حُسْنَ الخاتمة. ذقتُ حلاوة هذه الممالَحَةِ، وشرَحْتُ صدري بلطافة هذه المطارحة، وتبيِّن أن ناظِمَها واحدٌ حِسًّا ومعنى، بل أوحدُ في حُسْنِ التَّلطُّفِ وزيادةِ الحسنى، وهما يتجاذبان الجَوْدَةَ مِنْ هنا وهنا كالفرقدين، إذا تأمل ناظر. . . إلى آخره.
وكتب له الكاتب لي (١) بالإجازة الإمام شمس الدين محمد بن الخضر بن المصري من القدس الشريف ضمن مطالعة ما نصه:
يا حَافِظَ العَصْرِ ويا مَنْ له ... تُشَدُّ مِنْ أقصى البلادِ الرِّحَالْ
ويا إمامًا للورَى أمَّةً ... محطُّ آمالِ الثِّقاتِ الرِّجالْ
ابن العمادِ الشَّافعيِّ ادَعى ... رودَ ما فَاهَ بِهِ في المَقَالْ
"شراركم عزَّابكم" إنه في الـ ... الخَبَرِ المرويِّ حقًّا يُقَالْ
فهل أتى مِنْ مُسْنَدٍ ما ادّعى ... أو أثرٍ يَرويه أهلُ الكمالْ
بَيِّن رعاكَ اللَّه يا سيِّدي ... جوابَ ما ضمَّنْتُه في السُّؤالْ
لا زلت يا مولى لنا دائمًا ... في الحال والماضي كذا في المآلْ
فأجابه بقوله:
أهلًا بها بيضاءَ ذاتَ اكتحالْ ... بالنَّقْشِ يزهُو ثوبُها بالصِّقالْ
مَنَّتْ بوَصْلٍ بعد بُعْدٍ شفى ... مِنْ ألمِ الفُرقة بعدَ اعتلالْ
تسألُ هَلْ جاء لنا مُسْنَدًا ... عَنْ مَنْ له في المجدِ شأوُ الكَمَالْ
ذمُّ أُولي العُزْبَةِ قلنا: نعم ... مَنْ مال عَنْ إلْفٍ وفي الكَفِّ مالْ
(١) في (أ): "له"، خطأ. وقد ترجمه المصنف في "وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام" ٢/ ٥٥٦ وقال: أجاز لي.