للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هل صحَّ نقل بأنَّ الشَّافِعيَّ لَقِي ... يعقُوبَ بعدَ بُلوغِ الحَبْرِ أحلامَهْ

وابن الحسن معه عند الرَّشيدِ وهل ... أبدى السُّؤالَ الذي استشكلا أحكامَهْ

وهل هما عجزا فيما سأله فجُدْ ... بالرَّدِّ فأنت وحيدُ الدَّهْرِ علاْمَهْ

فأجابه بقوله:

ما صح لُقْيَا الإمام الشَّافعي أبا ... يوسف (١) يومًا ببغدادٍ ولا شامَهْ

وما روى البلويُّ في رحلةٍ شُهِرَتْ ... قد ردَّه ونفاه كلُّ علَّامَهْ

ولائحٌ أثرُ الوضع المنمَّقِ في ... تلكَ المسائلِ لا برضاهُ فهَّامَهْ

هذا جواب محبٍّ في الجميع غدا ... مُنَاهُ أن يغفِرَ الرَّحمن آثامَهْ (٢)


(١) في (ط): "لنا يعقوب"، وقد كتب المصنف في هامش (ح): "لعله: لنا يعقوب".
(٢) قال السفيري في "مختصر الجواهر والدرر" بعد إيراد جواب الحافظ ابن حجر: قلت: وقد أوضح ذلك صاحب الترجمة في كاتب مناقب الشافعي، المسمى بكتاب "توالى التأنيس بمعالى ابن إدريس" فقال: وأما الرحلة المنسوبة الى الشافعي المروية مِنْ طريق عبد اللَّه بن محمد البلوي، فقد أخرجها الآبري والبيهقى وغيرهما مطولة ومختصرة، وساقها الفخر الرازي في "مناقب الشافعى" بغير إسناد، معتمدًا عليها، وهي مكذوبة، وغالب ما فيها موضوع، وبعضها ملفَّق مِنْ روايات مفرَّقة، وأوضح ما فيها مِنْ الكذب قوله فيها: إن أبا يوسف ومحمد بن الحسن حرَّضا الرشيد على قتل الشافعي. وهذا باطل مِنْ وجهين:
أحدهما: أن أبا يوسف لما دخل الشَّافعي بغداد كان مات، ولم يجتمع به الشافعي.
والثاني: أنهما كانا أتقى للَّه مِنْ أن يسعيا فى قتل رجل مسلم، لا سيما وقد اشتهر بالعلم، وليس له إليهما ذنب إلا المدلة على ما آتاه اللَّه مِنْ العلم، وهذا مما لا يُظَنُّ بهما وإن علمهما وجلالتهما وما اشتهر مِنْ دينهما ليصُدَّ عن ذلك.
والذي تحرر لنا بالطرق الصحيحة أن قدوم الشافعى بغداد أول ما قدم كان سنة أربع وثمانين، وكان أبو يوسف قد مات قبل ذلك بسنتين، وأنه لقي محمد بن الحسن في تلك القدمة، وكان يعرفه قبل ذلك مِنْ الحجاز، وأخذ عنه ولازمه، فكان محمد بن الحسن يبالغ في إكرامه والتأدُّب معه والاغتباط به.
قلت: وقد أورد البصروي في "جمان الدرر" مثل ذلك، ونقل مثله أيضًا عن النووي في "تهذيب الأسماء واللغات".