للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما الناس إلَّا كالصَّحائِفِ عُوِّدَتْ ... وألسُنُهم إلا كمِثْلِ التَّراجمِ

إذا اشتَجَرَ الخصمان في فِطْنَة الفتَى ... فمِقْوَلُه في ذاك أعدَلُ حاكمِ

وروينا في "المجالسة" للدينوري مِنْ طريق النَّضر بن شُمَيْل، قال: لو كنتُ عند الخليل بن أحمد، إذ دخل عليه شيخٌ مِنْ أهله، فقال له: لو اشتغلتَ بمعاشك، كان أعودَ عليك مِنْ هذا، فأنشأ الخليل يقولُ:

لو كنتَ تَعْقِلُ ما أقولُ عذرتني ... أو كنتَ تعقِلُ ما تقولُ عذَلْتُكا

لكن جَهِلْتَ مقالتي فعذلتني ... وعَلِمْتُ أنَّكَ جاهِلٌ فعذَرْتُكا

ثم التفت إلينا، فقال: الرِّجال أربعة: رجلٌ يدري ولا يدري أنَّه يدري، فذاك غافلٌ فأفهموه، ورجلٌ يدري، ويدري أنَّه يدري، فذاك عاقلٌ فاعرِفُوه، ورجلٌ لا يدري، ويدري أنَّه لا يدري، فذاك جاهلٌ فعلِّمُوه، ورجلٌ لا يدري، ولا يدري أنَّه لا يدري، فذاكَ مائِقٌ فاحذَرُوه.

وروينا عن عمرو بن مُرَّة، قال: حدَّثتُ إبراهيم بحديثٍ عَنْ رجلٍ، فقال: ذاك صاحبُ أمراء، يعني: ليس مثلَ غيره في الحديث.

قلت: وهذا المبهمُ اسمه عبدُ الرحمن.

إذا جَمَعَتْ بينَ امرأيْنِ صناعةٌ ... فأحبَبتَ أن تدري الذي هُوَ أحذقُ

فلا تتامَّل مِنْهُما غيرَ ما جَرَت ... به لهما الأرزاق حينَ تُفَرَّق

فحيثُ يكون الجَهلُ فالرِّزق واسِعٌ ... وحيثُ يكونُ العِلْمُ فالرِّزْقُ ضَيِّق

نسأل اللَّه تعالى التوفيق والهداية إلى أقوم طريق. وكل (١) هذا استطراد.

وكتب إليه القاضي الحنفي -وما علمت الآن مِنْ هو-[بل عندي في كونها مِنْ نظمه نظر] (٢):


(١) مِنْ هنا إلى قوله: "وابق كنزا" في الصفحة التالة ورد في (ب) قل باب الألغاز مباشرة.
(٢) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).