للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلع رجلٌ يلقَّبُ وليَّ الدِّين ضرسه، فنظم ذلك الشخص، وأعَرب عَنْ قدره، وبُرغمي أن أقول في شعره هذين البيتين، وزعم أنَّهما مِنْ منخلع البسيط، ومن خطِّه نقلتُ، وهما:

إنَّ المزيِّن قَدْ تَعَدَّى ... في قلعِ ضِرْسِك العَلِيَّا

أغرى على الظَّبيِ كَلْبَتَيْنِ ... وضلَّ إذ آذى وَلِيّا

فماذا يستحقُّ مِنَ الإجازة على هذا المدح الذي جَمَعَ في التَّخلُّفِ أبلغَ الوجازة، وفي التَّكلُّفِ والتعجرف ما لا يستطيع طبيب علاجه، افعلوا ذلك مثابين.

فكتب: الحمدُ للَّه واهب العافية. يستحقُّ مَنْ سَلَحَ هذا المقطوعَ أنْ يُقْطَعَ، ويستوجب مَنْ رَضِيَ بنسبة هذين البيتين إليه أن يُصْفَع، فلو رآه الصَّفدي، لرجع عَنِ "اختراع الخراع"، ولقضى على مِنْ نازعه في هذه الطريقة بالموت بعد النزاع، فما بلغ هذه الغاية إلا وهو في (١) اختيار انبساطِ الإخوان، فقد جاوز النهاية، والسلام.

قلت: وكذا كتب على هذين البيتين الشِّهابُ الحجازي والشِّهابُ ابنُ أبي السُّعود المذكور، وكتابتُه عندي بخطِّه، والشهابُ بنُ صالح، حتى قيل: إنَّ قائلهما رُمي بالشُّهبِ الأربعة.

ومما اتّفق: أنَّ شيخنا جلس مرَّةٌ ومعه الشِّهاب بنُ تَقِيِّ والشِّهاب الشَّيْرَجِي والشِّهاب الريشي والشِّهاب الحِجازي والشِّهاب بن يعقوب وشهابٌ آخر، بحيثُ صاروا بصاحب التَّرجمة سبعةً، فقال الحجازي: يا مولانا لقبتم (٢) ذنوابكم (٣) بالسبع السيارة، وقد اجتمعَت هنا، فقال شيخُنا بديهةً: فمن جاء بينهم فقد احترق. وللَّه در القائل: مَنِ ادَّعى عِلْمَ ما لا يعلم، كذب فيما يعلم، فما بالُك فيمن يُنازعُ في الجميع!


(١) "في" ساقطة مِنْ (أ، ط).
(٢) "لقبتم" لم ترد في غير (ح).
(٣) كذا في "الأصول" وأظنها "ديوانكم".