للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكتب ما صورته: للَّه الأمر. الذي يشهد به الذَّوْق السَّليم أنَّ كلًا منهما في النَّظم مستقيم، وليس لهما في قسم البلاغة قسيم، إلا أنَّ الثاني أبعدُ في إيجابه مِنَ السلب، وأقربُ في آدابه إلى القَلْب، وفوقَ كلِّ ذي علمٍ عليم.

ويلتحق بهذا أنَّ الشيخ شهاب الدين الأبشيطي نزيلَ المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاةِ والسلام، سألَ فقيه الوقتِ الشَّرفَ يحيى المناوي عَنْ بعضِ الأسئلة نظمًا، وأجابه المشارُ إليه كذلك نظمًا، وأرسل بالجوابِ لصاحب الترجمة، ليقفَ عليه، ويقرِّضَه، فكان في ذلك عدَّةُ أبياتٍ امتدح الشرف بها صاحبَ التَّرجمة، علمتُ منها الآن قوله:

إمامَ الهدى غَيْظَ العِدَا صَيْبَ النَّدى ... حَلِيف الجدى مُجلِي الصَّدى أوحدَ العَصْرِ

لأجْعَلَ منه جوهرَ اللَّفْظِ حِلْيةً ... على جيد قولي فهو في الحُسْنِ كالدُّرِّ

فكتب صاحب الترجمة -رحمه اللَّه- ما نصُّه -مع أنَّه لم يكن القَصْدُ أن يكون كتابته إلا نظمًا-: تأملت هذا الجواب، فوجدتُه بعون الملك الوهاب في غاية الصواب.

وكتب إليه الشيخُ شهاب الدين ابن أبي السعود ما نصُّه (١): الحمد للَّه، لا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللَّه العلي العظيم.

يا بَحْرَ عِلْم أرانا لفظُه دُرَرًا ... وفي الطُّروس يُرينا زَهْرَ بُسْتَانِ

رَوْضُ القَرِيضِ أتى يشكو إليكَ فتًى ... جَنَى فَصُلْ واحتكم وانقُمْ عَلَى الجاني

فالشِّعْرُ نادى وقد قامتْ قرائِنُه ... شكواي مِنْ خائنٍ في النَّظم أوزانِ

هذا شخص، ولا أقولُ مِنَ الناس سمع بَيتَي الصَّفِيِّ الحليِّ، وهما:

لحَى اللَّه المزيُنَ قَدْ تَعَدَّى ... وجاءَ لقَلْعِ ضِرْسِكَ بالمُحَالِ

أعاقَ الظَّبْيَ في كِلْتا يَدَيْه ... وسَلَّطَ كَلْبَتَيْنِ على غَزَالِ


(١) في هامش (ح) بخط المصنف ما نصه: بلغ الشيخ عبد العزيز بن فهد الهاشمي قراءة علي في ٢٥ سماعًا.