للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلهي أنتَ الرَّبُّ شيمَتُك الغِنَا ... وإنِّي لعبد السوء شيمَتِيَ الفَقْرُ

إلهي عاملني بما أنتَ أهلُه ... فللذَّنب في ظهري إذا لم تُعِنْ وَقْرُ

إلهي تداركني برحْمتِكَ التي ... يقابلُها مِنْ فيضِ فضلِكَ لي الجَبْرُ

إلهي كما أنعمتَ زِدْ وأدِمْ ولا ... تُغَيِّرْ فتُشْمِتْ بي عَدُوًا به غمرُ

إلهي بذنبي بُؤتُ فاغفِره لي عسى ... أكون كمن في الحشر أوجُهُهُمْ زُهْرُ

إلهي كم عبدٍ أدَمْتَ سُرورَه ... فوافاك بعدَ الموت بالعفو يَنْسَرُّ

إلهي فاجعلني برحماك منهمُ ... فإن شفيعي أحمدُ المصطفى الطُّهْرُ

فلا عملٌ أرجو سوى حبِّه ومَنْ ... إليه أنتمي عُسري بحبهم يُسْرُ

وأفاد رضي اللَّه عنه أنَّ أصلَ هذه الطريقة سبق إليها محمدُ بنُ كثير المصِّيصي، فذكر الحاكم، قال: سمعت أبا منصور الحسن بن أحمد المعادي يقول: سمعت موسى بنَ العباس الجُوَيني -ونزل في دارنا- يُنشد أبياتًا بعد أن يقوم اللَّيل، فيصلِّي ثمَّ يبكي طويلًا، فسُئِلَ عنها، فقال: سمعتُ محمَّدَ بنَ عوفٍ يقول: سمعتُ محمَّدَ بنَ كثيرٍ المصِّيصي يقول:

بُنَيَّ كثيرٍ كثيرُ الذُّنوبِ ... في الحِلِّ والبلِّ مَنْ كان سبَّهْ

بُنَيَّ كثيرٍ دَهَتْه اثنَتَانِ ... رياءٌ وعُجْبٌ يخالِطْنَ قَلبَهْ

بُنَيَّ كثيرٍ أكولٌ نَؤُومٌ ... وما ذاك فعل مَنْ خاف ربَّهْ

بُنَيَّ كثيرٍ يُعلِّم علمًا لقد (١) ... أعْوَزَ الصُّوفَ مَنْ جزَّ كلبهْ

قلت: وقرأتُ في "شرح الشاطبية" للجعبري ما نصُّه: وسأله -أي عبدَ اللَّه بنَ كثير القارىء- الناسُ أن يجلس للإقراء بعد شيخه، فأنشد في ذم نفسه تواضعًا، وساق الأبيات، وعندي أنَّ نسبتها لابن كثيرٍ المقرىء سهو، واللَّه الموفق.


(١) في (أ): "لنا"، وكانت كذلك في (ح)، ثم عدلها المصنف بقلمه.