للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رأيت في ترجمة محمد بن الخضر بن إبراهيم المِحْوَلي خطيب المحول، أحد القراء مِنْ "ذيل تاريخ بغداد"، لأبي سعد السمعاني، أنشدنا محمد بن الخضر بن إبراهيم المحولي بها في داره، أنشدنا أحمد بن علي بن سوار المقرىء أنشدنا شيخنا أبو علي الحسن (١) بن علي بن عبد اللَّه العطار المقرىء، أنشدني أبو الحسين محمد بن عبد اللَّه الفرضي، أنشدنا أشياخُنا، عن عبد اللَّه بن كثير أنَّه قال في ذمِّ نفسه، حيث (٢) سأله أهلُ مكَّةَ أن يُقرِئَهم القرآنَ بعدَ وفاة مجاهدِ بن جبرٍ، فذكرها. سمع هذا مِنْ أبي سعد السمعاني أبو رَوْح الهروي، فاللَّه أعلم.

وإذا (٣) تأملتَ هذا مِنْ صنيع هؤلاء، واستحضرتَ جلالَتَهم وتقدُّمَهم في السُّنَّة وغيرها، علمتَ شدة حُمْقِ القائل في مدح نفسه، زاعمًا أنه السنة، مِنْ أبيات أودعها في مجلد يطول التعرض لما فيه مِنْ منكر، يعظِّم فيه نفسه، ويترفَّعُ فيه عَلى كلِّ أهلِ عصرِه، بحيثُ يشهد العقل والنَّقل بأنَّ ذلك هو المذموم مِنْ ضربي مدح المرءِ نفسَه.

كأنك بي أُنْعَى إليك وعندها ... ترى خبرًا صُمَّت له الأُذنانِ (٤)

فلا حَسَدٌ يَبقَى لديك ولا قِلى ... فينطِقُ في مدحي بأيٍّ معَانِ

وتنظُرُ أوصافي فتعلمُ أنَّها ... عَلَتْ عَنْ مُدانٍ في أعزِّ مكانِ

ويُمسي رجالٌ قد تهدَّمَ رُكنُهم ... فمدمَعُهم لي دائِمُ الهملانِ

فكم مِنْ عزيزٍ بي يذل جماحَه ... ويطمَعُ فيه ذو شقا وهوانِ

فيا ربِّ مَنْ يُفجَأ بِهَولٍ يؤودُه ... ولو كنتُ موجودًا إليه دعاني

ويا ربِّ شخصٌ قد دَهَتْهُ مصيبةٌ ... لها القلبُ أمسى دائم الخَفَقَانِ


(١) في (أ): "الحسين".
(٢) في (ب، ط): "حين".
(٣) مِنْ هنا إلى بداية الفصل السادس لم يرد في (ب)، وقد ألحقها المصنف في ورقة مفردة في نسخة (ح).
(٤) في (أ): "الآذان"، خطأ.