للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيَطلُبُ مَنْ يجلو صداها فلا يَرَى ... ولو كنتُ جَلَتْها يدي ولِسَاني

عَدوِّي قاصٍ عنه ظُلمي آمن ... مِنَ الجُور داني النَّفْعِ حيثُ رجَاني

فإن يَرْثنِي مَنْ كنت أجمَعُ شملَه ... بتشتيتِ شملي، فالوفاء رثاني

وإلا نعاني كلُّ خَلْقٍ ترفْعَتْ ... به هِمَمي عَنْ شائِنٍ وبكاني

وهي أكثر مِنْ هذا.

وقد استحضرتُ حكايةً لطيفة رويتُها مِنْ طريق محمد بن يزيد الضَّرير، قال: حدثني عبد الرحمن بن مسهر -وهو المذكور بخفَّة العقل- قال: ولأني أبو يوسُف القاضي قضاء جَبُّل، فانحدر الرَّشيد هارون إلى البصرة، فسألت مِنْ أهل جَبُّل أن يُثنُوا عليَّ، فوعدوني أن يفعلوا، فلمَّا قرُبَ تفرَّقُوا، وأيسْتُ منهم، فسرَّحت لحيتي، فوافى أبو يوسف مَعَ الرَّشيد في الحرَّاقة، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، نِعمَ القاضي قاضي جَبُّل، قد عدل فيها وفَعَلْ، وجعلت أثني على نفسي، فطأطأ أبو يوسف رأسه وضحك، فقال له الرشيد: ممَّن تضحك؟ فأخبره، فضحك حتى فَحَصَ برجليه، ثم قال: هذا شيخ سخيفٌ عقلُه، فاعزِلْه، فعزلني، فلمَّا رجع أبو يوسُف، جعلت أختلف إليه، وأسأله قضاء ناحيةٍ، فلم يفعل، فحدَّثت النَّاسَ عن مُجالِد عن الشعبي أنَّ كنية الدجال أبو يوسف، فبلغه ذلك، فقال: هذه بتلك فحسبُك، فصِرْ إليَّ حتى أوليك ناحية، ففعل وأمسكت عنه.

نسأل اللَّه أن يلهمَنا رشدنا، ويعيذنا مِنْ شرورِ أنفسنا بمنِّه وكرمه.