للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلَها إلى الميت، والطَّبقةَ الثالثة أقربُ إلى الميت مِنَ الثَّانية، وهكذا حتَّى ينتهي إلى طبقةِ الميت، وحينئذٍ فأهل الطبقة (١) المساوين له في الدرجة باعتبار عددِ الطَّبقات أوْلَى بالاستحقاق مِنْ أهلِ الطَّبقة التي فوقها؛ لأنَّ الواقف قيَّد استحقاقَ أقرب الطبقات إلى الميت بكونه ممن يشاركه في استحقاق الربع. واحتمال المشاركة صدَّ عنه، إنما كان في أهل طبقته؛ لجواز أن يكون بعضُ مَنْ في طبقته محجوبًا بأبيه.

وأمَّا مَنْ فوقَه مِنَ الطَّبقات، فيشاركونه لا محالة. فلو حُمِلَ على مَنْ فوقَه مِنَ الطبقات، لعرَّى التَّقييد عَنِ الفائدة.

فإن قيل: وإذا حُمِلَ على أهل طبقته، لعرَّى عن الفائدة أيضًا؛ لأنَّ أهلَ الطَّبقة همُ المتناولون مِنْ رَيْعِ الوقف، المنتسبون إلى الواقف على حدٍّ سواء، أُجيبَ بالمنع؛ فإن الشيخ العلامة تقي الدين السبكي رحمه اللَّه حكى احتمالين في المساوي في النسب إلى الواقف، [ولم يتناول مِنْ ربع الوقف لوجود أبيه مثلًا، هل هو مِنْ أهل الطبقة أم لا، فقول الواقف] (٢): المشاركون له في الاستحقاق نصٌّ في إخراج مثل هذا، وبقي الاحتمالُ الآخر، فله فائدةٌ بخلافِ حملِه على المحمَلِ الأوَّلِ. وأيضًا قولَ الواقف: ثمَّ على أقرب الطبقات إليه لو حُمل على الطبقة العليا، لكان هو عينَ الكلام الأوَّلِ في قوله: تحجبُ الطَّبقة العليا الطبقة السُّفلى، فيبقى الكلام الثاني بلا فائدة، وأيضًا قد حكى بعض المتأخِّرين خلافًا (٣) فيما إذا احتمل عَوْدُ الضَّمير إلى الواقف أو إلى المتوفَّى، وبتقديرِ ما ذكرَهُ القائل الأول، يلزم أن لا يختلِفَ الحالُ، ولا يكون لهذا الخلافِ المحكيِّ فائدةٌ.

وقوله: إنَّ المرادَ بأقرب الطَّبقات أقربُ مَنْ في الطَّبقات ممنوع؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُ هذا التقدير، وَلو أراده، لقال: أقربُ الناس إليه مِنْ أهل الوقف. وما احتجَّ به لهذا التقدير ممنوع، بل قول الواقف: لإخوته


(١) في (ب، ح): "طبقته".
(٢) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (أ).
(٣) في (ب): "خلافه".