للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد اختلف في الوقت الذي فُقِدَ فيه، فأخرج أبو داود مِنْ طريق الأعمش عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما، قال: فقدنا (١) ابنَ صيَّادٍ يومَ الحرَّة. وسنده صحيح.

وصرح جماعةٌ بأنه مات في هذه الحدود، ولكن قد وقع لي أمرٌ يقتضي أنه لم يَمُتْ دان كان فُقِدَ، فأخرج أبو نعيم في أوائل "تاريخِ أصبهان" (٢) له مِنْ طريق جعفر بن سليمان الضُّبَعي، عن شُبَيل بن عَزْرَة، قال: حدَّثني حسَّان بنُ عبد الرحمن، عن أبيه، قال: لمَّا افتتحنا أصبهان، كان بين عسكرنا وبين اليهوديَّة -يعني بلدة بأصبهان- فرسخٌ، فكنا نأتيها فتمتارُ منها، فأتيتها يومًا، فإذا اليهودُ يزفُنُون ويضربُون، فأتيتُ صديقًا لي منهم، فقلت: ما شأنكم؟ أتريدون أن تنزعُوا يدًا مِنْ طاعة؟ فقال: لا، ولكن ملِكنا الذي نستفتح به على العرب يدخُلُ المدينة غدًا، فذكر القصَّة، وفيه أنَّه بات هناك، فلمَّا أصبح، رأى اليهود مجتمعين، وبينهم رجلٌ عليه قبَّةٌ مِنْ رَيحانٍ وهم حوله يزفُنون ويضربُون. قال: فنظرت، فإذا هو ابنُ صيَّادٍ [فدخل المدينة]، فلم نره بعد. انتهى.

فإن ثبت هذا الأثر، فلعلَّه لمَّا خرج مِنَ المدينة النبوية صُحْبَة العسكر الواصلِ إلى أصبهان ودخلها، أخذ منها إلى المقر الذي يُحْبَسُ به إلى أن يُؤذَنَ له في الخروج.

وقد أخرج أحمد في "مسنده" بسندٍ حسن عن أنسٍ رضي اللَّه عنه، عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "يخرُج الدَّجَّال مِنْ يهودية أصبهان".

وأخرج الطَّبراني مِنْ حديث عمران بن حُصين رضي اللَّه عنه، رفعه، قال: "يخرُجُ الدَّجالُ مِنْ قِبَلِ أصبهان".

واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بالصَّواب في أمره، ونسألُ اللَّه عزَّ وجلَّ أن يعيذَنَا مِنْ فتنته. إنه سميع بصير.


(١) في (أ) ومختصر السفيري: "فُقِدَ"، والمثبت مِنْ (ب) وسنن أبي داود رقم ٤٣٣٢.
(٢) ١/ ٢٢ - ٢٣، وما بين حاصرتين منه.