للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قول التِّرمذي: والعملُ عليه عندَ أهلِ العلم، فهو محمولٌ على أنَّهم عمِلُوا به في الجُملة، لكن منهم مَنْ قال بعمومه، ومنهم مِنْ خصَّصه.

وأما الحديث الذي تفرد به ضَمْرَةُ، فهو مِنْ مسند ابن عمر رضي اللَّه عنهما، أخرجه الترمذي وابن ماجه مِنْ طريق ضَمرَةَ بنِ ربيعة، عن سفيانَ الثَّوري، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما مرفوعًا.

قال النَّسائي: لا نعرِفُ أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غيرَ ضَمْرَةَ، وهو حديثٌ منكر. وقال الترمذي: هو خطأ عندَ أهل الحديث، تفرد به ضَمْرَةُ. وقال البيهقي: لو كان هذا محفوظًا، لكن كالأخذ باليد، لكنهم أطبقُوا على أنَّ ضمرَةَ غلِطَ فيه، وتفرَّد به عن الثوري، وكأنه دخل له حديثٌ في حديث، فإنه جاء عنه: عن الثوري، عن ابن دينار، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، قال: نهى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الولاء وعن هبته، [وقال: "مَنْ ملك ذا رحم محرم، فهو حر". وخالفه حفَّاظُ أصحاب الثَّوري، فرَوَوْه عنه إلى قوله: "وعن هبته"] (١)، ولم يذكروا ما بعده، فحكَمَ الحفَّاظُ على ضَمرَةَ بالوهم فيه.

وأمَّا مَنْ صحَّحه، فمشى على ظاهر السَّند، ولم يلتفت إلى علَّته، ولا يقع في ذلك إلا مَنْ لم يتبحَّر مِنَ اصطلاح أئمَّة أهل الفنِّ، فقد تقرَّر أنهم لقُوَّة ملكَتِهم فيه كالصَّيرفي في نقدِ الدَّرهم. وهذا إنَّما هو فيما لم يُبرهِنُوا على سبب علَّته، وأمَّا ما برهَنُوا عليه، كهذا الحديث، فلا التفاتَ لِمَنْ خالفهم. وما زالَ الشَّافعيُّ في تعليل الأحاديث يحيل بذلك على أهل العلم بالحديث. حيث يقول: لا يُثبته أهلُ العلم بالحديث. واللَّه الهادي للصواب.

[قلت: وعندي مِنْ أسئلة المحلي أيضًا عدَّةٌ، أجابه عنها بما أفردته في محلٍّ آخر] (٢).


(١) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (ب).
(٢) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).