للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعها: أنه خالف حمادًا في وصله مَنْ هو أحفظ منه عَنْ قتادة، وهو سعيدُ بنُ أبي عَرُوبَةَ، فقال: عن قتادة، عن الحسن قولَه. وقال مرَّة أخرى: عن قتادة، عن عمر رضي اللَّه عنه قوله.

قال أبو داود: سعيدٌ أحفظُ مِنْ حمَّاد. ووافق سعيدًا هشامٌ الدَّسْتُوائيُّ عن قتادة، عن الحسن وجابر بن زيد، قالا: فذكره موقوفًا عليهما، وهشامٌ مِنْ حُفَّاظ أصحاب قتادة.

خامسها: الاختلاف فيه على حمَّاد، فرواه كثيرون عنه كما تقدم عن قتادة، عن الحسن، عن سَمُرة. وخالفهم عبدُ الرحمن بنُ مهدي، وهو مِنْ أكابر الحُفَّاظ والنُّقَّاد، فقال: عن حماد عن مَطَر الورَّاق، عَنِ الحكم بن عُتَيْبة، عن إبراهيمَ النَّخعي، عن عُمر رضي اللَّه عنه مِنْ قوله منقطعًا. وعن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر رضي اللَّه عنه موصولًا موقوفًا عليه. وقال عَقِبه: قال إبراهيم: لا يعتِقُ إلا الوالد والولد. أورده البيهقي مِنْ طريقه. وهذا تخصيصٌ للعموم، لا يقولُه إبراهيم النَّخعي، وهو فقيهُ الكوفة في زمانه، إلا عن أصل.

ومما يتمسك به للمذهب اتِّفاق أئمَّة الاجتهاد -إلَّا مَنْ شذ مِنَ الظَّاهرية- على عِتْقِ الأصل والفرع، واختلاف الأقل منهم فيه، والاختلافُ الأكثرُ في الحواشي.

فعلى تقدير صحَّة الخبر، فقد عُمِلَ به، إلا أن الجمهور لم يقولوا بعمومه، والشَّافعي منهم، وهو مِنْ باب تخصيص الخبرِ بالقياس.

وقد أطبق علماءُ الحديث النُّقَّاد منهم على القدح في حديث سَمُرَة رضي اللَّه عنه مِنْ جهة تفرُّد حماد به، ومُخالفة مَنْ هو أحفظُ منه له في وصله، فلا يُلتَفَتُ إلى تساهُلِ الحاكم في تصحيحه ولا إلى قول مَنْ مال (١) إلى تصحيحه، أو جزم به كابنِ حَزْمٍ وأبي الحسن بنِ القطان والضِّياء المقدسي والقرطُبيِّ في "المفهم".


(١) في (أ): "قول مالك"، خطأ.