للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يروّع له الجنانُ جنانًا ... قد أصاب الحديدَ منْهُ الحديدا

مئل ما تنقصُ المصابيحَ بالبطِّ ... فيزداد في الضِّياءِ وَقُودَا

وأنشد مرَّةً قولَ القائل:

عافتِ الماءَ في الشِّتاء فقُلنا ... برِّديه تُصادِفيه سَخِينا (١)

أنشده بإدغام اللام في الراء، فاستصعب ذلك بعضُ الحاضرين، فقال: مَنْ يقرأ سورة (والمطففين) يعرِفُ هذا، فبادر بعضُ الفُضلاء مِمَّنْ حضر، وقال: مَنْ يعرِفُ الفَكَّ يعرف هذا، وأشار إلى قوله: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المطففين: ١٤].

وأنشد (٢) بعضُ الفضلاء بحضرةِ صاحبِ التَّرجمة:

ياعالمًا قَدْ حلَّ إقليدسا ... لم يُخْطِهِ شَكْلٌ مِنَ أشكالِهِ

فأيُّ شيءٍ نِصْفُهُ عُشْرُهُ ... ونصفه الثاني (٣) تِسْعَة أعشارِهِ

فجالت أفكار الطَّلبة في ذلك، فبادر منشِدُها بقوله: هذا كتابُ اللَّه عز وجل؛ لأنَّ عُشْرَه ستةُ أحزاب، ونصفَه عددًا سبعةٌ وخمسون سورةً، وذلك عدُّ سوَرِهِ مِنَ المجادلة إلى آخره الذي هو ستَّة أحزاب، وأردف ذلك بقوله: هذا لا يُوجَدُ في غير القرآن.

فقال صاحب الترجمة: قد وجدت اسمًا يتصور فيه مثل ذلك، وهو الفرس، فحارتِ الأفكارُ في معنى هذا، فقال بعضهم: لعلَّ مولانا شيخ الإسلام أراد اسم الفرس بغير اسمه العربي، [فأجابه بأنَّك فهمتَها، وذلك لأن اسم الفرس] (٤) بالتركي (أط)، وهو حرفان، وبحساب الجُمَّل عشرة،


(١) انظر معيدا النعم للسبكي ص ٩٨.
(٢) مِنْ هنا إلى قوله: "فأحسن إذا شئت واستأنس" لم يرد في (ب).
(٣) ساقطة مِنْ (ط).
(٤) ما بين حاصرتين مِنْ (ط).