للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلام: "آية المنافق ثلاث" الحديث. ورواه مسلم "وإن صام وصلَّى وزَعَمَ أنَّه مؤمن".

فقال: اختلفُوا في وجوبه، فذهب الشافعيُّ وأبو حنيفة والجمهور إلى أنَّه مُسْتَحَب، وليس واجبًا، فلو تركه فاته الفضلُ، وارتكب كراهةَ تَنْزيهٍ، ولكن لا يأثَمُ، وذهب جماعةٌ إلى أنه واجبٌ. قال ابن عبد البَرِّ: أجَلُّ مَنْ قال بوجوبه عمرُ بنُ عبد العزيز.

قال شيخنا: لم يذكر جوابًا عن الآيات والأحاديث، لا سيما آية "الصف"، وحديث "آية المنافق" كما تقدم. والدِّلالة للوجوبِ فيها قويَّةٌ، فكيف حملوه على كراهية التنزيه، مع هذا الزَّجْرِ الشَّديد الذي لم يَرِدْ مثلُه إلّا في المحرَّمات الشَّديدة التحريم؟

الأدب:

وحكيتُ مِنْ تضلُّعه بفنِّ الأدب ما يفوقُ الوصفَ، [وأنَّه -كما في أوائل الباب الثاني- لم يكن يسمعُ شعرًا إلا ويعرِفُ مِنْ أين أخذه النَّاظم، حتَّى إنَّه كتب مقابلَ مقطوع أدرجه البشتكيُّ -وناهيك به في فنِّ الأدب- في نظم نفسه أنَّه لغيره، بل ونبَّه أنه رآه البشتكيُّ نفسه معزوًا لمَنْ أفادَ أنه له، كماَ بيَّنتُ ذلك هناك] (١).

وكانت له تشبيهاتٌ بديعةٌ؛ منها: أنَّه رأى ضَوْءَ القنديل مرَّة قد ضَعُفَ، ولم يجِد به علة سوى انخناق الفتيلة (٢) بالزَّيت، فأخذَ قلمًا، ومصَّ بفيه يسيرًا مِنَ الماء، فأضاءَ جدًّا، فقال: شبَّهتُ هذا بالآدمي عند إخراجِ الدَّمِ بالفصد ونحوِه وحصُول الخفَّة له غالبًا.

قلت: ومِنْ نظم الشَّرف عبد الوهاب بن فضل اللَّه أخي محيي الدين:


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب)، وأضافه المصنف بخطه في هامش (ح).
(٢) في (أ): "القنديل".